المساء
محمد جبريل
ع البحري .. أقلية الروهينجا.. ليسوا للفرجة!


لم يعد من المقبول أن تبث وكالات الأنباء تقاريرها المصورة ـ علي القنوات الفضائية ـ عن عمليات قتل وتعذيب أقلية الروهينجا في بورما. يكتفي المشاهدون بإبداء الإشفاق والأسي والتألم. ولا شيء بعد.
لم نقرأ عن مسيرات في عواصم العالم تدعو إلي إيقاف عمليات الاغتيال القاسية. الممنهجة. ضد ملايين البشر. لمجرد اختلاف الديانة. ولأنهم يمثلون أقلية ضعيفة. لا تملك القوة. ولا تجد نصيراً لها من القوي الكبري. ولا حتي من الرأي العام العالمي الذي تخرج مسيراته دفاعاً عن قضايا لا ترقي في خطورتها إلي القتل غير المبرر للبشر.
ظل العالم علي تأييده لدفاع البورمية أنج سان سوتشي عن حق شعبها في الحرية والأمن. لم ترهبها الديكتاتورية الحاكمة. وعانت مرارة السجن والاعتقال وتحديد الإقامة. حتي رضخ عسكر بورما ـ أمام ضغط عالمي غلاب ـ بلغ ذروته في منحها جائزة نوبل للسلام ـ فاعترفوا بحقها في الممارسة العلنية للعمل السياسي. واستطاع حزبها ـ بتزكية من شخصيتها القيادية ـ أن يفوز في الانتخابات النيابية لدولة بورما.
تخلت سان سوتشي عن تشكيل الحكومة وإن أعلنت أنها ستكون مسئولة عن القرارات التي يصدرها مجلس الوزراء.
السبب في عدم تولي السيدة سوتشي المسئولية المباشرة هو قانون بلادها الذي يحظر المناصب المهمة في الدولة علي المتزوجين بأجانب. وهي متزوجة من بريطاني. وأنجبا ابنين حصلا علي الجنسية البريطانية.
لم تصل سوتشي إلي المكانة التي بلغتها في الحياة السياسية لبلادها. فضلاً عن مكانتها علي مستوي العالم. إلا لأنها تنازلت عن حريتها. مقابل الدفاع عن حرية أبناء وطنها. وخلاصهم من القهر.. لكن فهم سيدة نوبل لمعني المواطنة لم يتجاوز أبناء الديانة البوذية. أما المواطنون المسلمون فقد حجبت مناصرتها عنهم. رغم أن الزعامة الحقيقية لا تفرق بين مواطني البلد الواحد.
المثل الذي يحضرني هو المهاتما غاندي. لم تمنعه ديانته من أن يعني بالفقراء والمنبوذين في الهند. حتي من قبل أن تنقسم إلي دولتين. بل إنه جعل الأولوية في عودته السلمية لفقراء بلاده. وصار مثلاً للجميع بثوبه العاري وعنزته وعصاه وسيره علي قدميه. وحين اضطر إلي ركوب القطار. استقل عربة الدرجة الثالثة. سئل: لماذا صعدت إلي الدرجة الثالثة؟ قال: لأنه لا توجد درجة رابعة!
أثق أن السيدة سوتشي كانت ستراجع موقفها الظالم لمأساة مواطنيها مع الروهينجا. لو أن ردود الأفعال الرافضة لممارسات عسكر ميانمار ورهبانها البوذيين بلغت حداً يدفعهم إلي إدراك خطورة مواقفهم. والعدول عن تلك المواقف.
لكن التخاذل ـ حتي الآن ـ يشمل الجميع. القيادات الدينية والسياسية في العالم. فلا يكفي أن يدعو الأزهر سفير ميانمار إلي مؤتمر يؤكد فيه العلاقات الطيبة بين مواطني بلاده. ولا أن يطل بابا الفاتيكان من شرفة مكتبه. ليدعو إلي إلغاء شبهة الظلم عن مسيحيي الوطن العربي.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف