المصرى اليوم
عباس الطرابيلى
مصر.. واستيراد البترول
فى حكايتنا مع البترول - والغاز - ومنتجاتهما يجب ألا ننسى المبدأ السياسى الراسخ: لا صداقات دائمة.. ولا عداوات دائمة.. هناك مصالح دائمة.
وفى السياسة نجد ذلك واضحاً. ألمانيا التى كانت أكبر عدو لفرنسا وإنجلترا على مر التاريخ الطويل.. أصبحت الآن أكبر ضلع فى الاتحاد الأوروبى.. وبعد أن كانت جحافل الجيوش الألمانية تجتاح أراضى فرنسا وتتنزه فى شارع الشانزليزيه، ها هى فرنسا وألمانيا تتحالفان، وفى كل المجالات.. وما فرنسا وألمانيا - هنا - إلا مجرد مثال.

وفى المنطقة العربية كم وقعت من خلافات وحروب ونزاعات ومقاطعات.. ولكن سرعان ما عاد الصفاء واستعادت العلاقات عافيتها.. ومن المؤكد أن البترول - كان أيضاً - من أهم عوامل الخلاف.. ثم الصفاء!!

ومصر التى كانت منتجة ومصدرة للبترول والغاز معاً.. أصبحت مستوردة لهاتين السلعتين.. وبغزارة. ربما بسبب زيادة الطلب بحكم أن عدد سكان مصر يقترب الآن من المائة مليون.. وكذلك لأن حقولهما نضبت إلا قليلاً.. ولذلك لابد من التغطية.. مرات من ليبيا - قبل كارثتها - ومن الكويت والإمارات والسعودية.. بتسهيلات أو مساعدات.. أو بثمن مؤجل.. ومن نيجيريا. والآن من العراق.

والبترول سلعة تجارية كغيرها من السلع والسوق متخمة. بل إن أهم أسباب انهيار أسعار البترول هو زيادة المعروض عن الطلب فى الأسواق العالمية.. بل ليس سراً أن بعض الدول المنتجة والمصدرة للبترول تقدم تخفيضات غير معلنة للمشترين، خصوصاً إذا كانت هذه الدول تحتاج إلى سيولة عاجلة، كما فى بعض الدول الأفريقية.

ورغم ما يعانيه العراق من دواعش ومن إرهاب شديد.. ومن تدخلات إيرانية عديدة.. إلا أنه استطاع إيقاف تهريب الجزء الأكبر من بتروله فى حقول الشمال، سواء عبر تركيا.. أو شمال سوريا.. إلا أنه لم يتردد فى تقديم بعض هذا البترول لمصر، وبالذات من إنتاج حقول شط العرب والبصرة، والمنطقة قرب الحدود مع الكويت وأيضاً بتسهيلات فى الدفع.. حتى وإن كان بترول البصرة من النوع الخفيف، رغم أن له مزاياه من حيث جودة منتجاته.. أما البترول الثقيل ففيه من الأسفلت الكثير، وهو يصلح للدول التى تحتاج رصف طرقها.

■■ حقيقة كانت علاقات مصر بالعراق بين مد وجزر شديدين. إلا أنها عرفت نمواً كبيراً، وبالذات خلال الحرب العراقية - الإيرانية التى امتدت 8 سنوات. وكان للخبرة العسكرية المصرية دورها البارز فى تحرير منطقة الفاو، بعد أن تغيرت موازين هذه الحرب ولا ننسى أنه كان لمصر حوالى ثلاثة ملايين مصرى يعملون بالعراق فى هذه الفترة بالذات. إلى أن وقعت جريمة احتلال صدام حسين للكويت.. فكانت الواقعة أو الخطيئة الكبرى أيامها.

■■ ومع أن جيش مصر كانت له حسنة كبيرة فى تحرير الكويت وكانت قواتنا فى مقدمة القوات التى دخلت مدينة الكويت إلا أن الرئيس حسنى مبارك رفض دخول الجيش المصرى أراضى العراق.. لأنه - ومصر كانت معه فى ذلك - رفض أن تستغل أمريكا الجيش المصرى فى ضرب واحتلال أرض عربية هى العراق.. وتلك لن ينساها العراقيون.

■■ وعندما تحتاج مصر للبترول.. نجد العراق لا يتأخر. رغم حاجته لثمن هذا البترول.. ولذلك وافق على أن يبدأ شحن البترول العراقى بمتوسط مليون برميل شهرياً.. وتيسيرات جيدة.. منها السداد بعد تسعة أشهر!!

واقرأوا من جديد، بداية المقال عن المصالح الدائمة!

تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف