يسرى حسان
أي حاجة .. يا برادعي يا خاين!!
لا كنت من دراويشه ولا من حوارييه. وأزيدك من الشعر بيتاً وأدهشك بأن لي تحفظات علي تركيبته الشخصية. ولا أري فيه مواصفات زعيم أو قائد يمكن أن أقف خلفه وأؤيده. مع العلم بأن كثيرين غيري يرون عكس ما أري تماماً.
وأياً كانت وجهة نظري في البرادعي. فلا أملك. ولا يملك غيري. اتهامه بالخيانة والعمالة لمجرد سماع تسريبات أظنها عادية جداً ولا شيء فيها يدين الرجل. بل فيها ما يؤكد وطنيته ورغبته في إصلاح شأن بلاده.. لو أردت أن تختلف مع الطريقة اختلف ولكن كن رجلاً ولا تدعي علي الرجل بالباطل.
تعودت أن اقتنص وقتاً مساء كل يوم. هرباً من مشاغلي وهمومي. لأضحك فيه. ورغم ندرة الكوميديا في مصر الآن فقد اهتديت إلي ذلك المذيع الذي يقدم برنامجاً. أراه كوميدياً بامتياز. علي إحدي القنوات الفضائية المصرية. أشاهده لأضحك. وبالمرة أعرف إلي أي هاوية يندفع إليها "البلد" بفضل هذا المذيع وأمثاله.
سمعت ما تم بثه من تسجيلات بين البرادعي ورجل المخابرات الأمريكي. الكلام عادي جداً فيه يتحدث البرادعي في أمور طبيعية تصب في مصلحة البلد من وجهة نظره. مثل تحقيق الأمن. وكتابة دستور جديد يخلو من المواد الاستبدادية. وانتخاب رئيس وما إلي ذلك من مطالب نادت بها ثورة يناير العظيمة.
لماذا يتحدث البرادعي إلي مسئول في المخابرات الأمريكية وألا يعد ذلك خيانة؟ أسأل مسئولينا ولماذا تلتقون بمسئولين في نفس الجهاز وأجهزة أمريكية أخري ولا نتهمكم بالخيانة. أليست أمريكا دولة عظمي ولها نفوذ ومصالح في المنطقة. أليست دولة صديقة وبيننا وبينها علاقات استراتيجية. ثم هل كان البرادعي يتفق مع المسئول الأمريكي علي تخريب البلد أو القيام بأعمال إرهابية ضد منشآت أو أفراد؟.. وما الأسرار الرهيبة والخطيرة التي أفشاها عن اجتماعاته مع بعض قادة البلاد. هل سرب وثائق ومستندات تتيح للأعداء احتلال البلد أو ضربه في مقتل. أم كان يتحدث في أمور طبيعية ويتم تداولها بالصوت والصورة ويعرفها العدو قبل الصديق؟
الكلام مذاع ومنشور. تأملوه بعمق بعيداً عن تحريض المذيع الكوميدي االذي أدعوكم أيضاً إلي تأمل استخدامه لجسده ونبرات صوته لتعرفوا أي كائن تشاهدونه.
هناك رغبة في التنكيل بالبرادعي وإبعاده عن مصر تماماً. فلتنكلوا به كيفما شئتم ولكن ألا توجد طريقة أخري أكثر احترافية بدلاً من هذه الطريقة البلدي الفجة؟ أين الخيال يا ناس. وألا يوجد صنايعي شاطر يطبخ الأكاذيب جيداً بدلاً من هذا العكاك اللكاك الذي يخصم من رصيدكم أكثر مما يضيف إليه؟
ثم ما هذه الهيستريا التي تتعاملون بها مع البرادعي وكأن الرجل قادم علي رأس جيوش العالم لغزو مصر؟ ما كل هذا الارتباك في مواجهة رجل لكم أن تختلفوا معه أو عليه ولكن ليس إلي الدرجة التي يحرمكم فيها النوم من أجل الكيد له وتدبير المؤامرات ضده وتشويه صورته.
علي أي حال خذوا بالكم لو سمحتم. البرادعي شخصية دولية معروفة ومشهورة. ومن السذاجة تصور أن سعيكم لسحب الجنسية المصرية منه سيلقي تقدير واحترام العالم. ستكون رسالة سلبية للغاية عن أننا بلد مستبد لا يحتمل الخلاف في الرأي وينكل بأبنائه المخلصين ويلصق بهم تهماً ساذجة.. بينما يستعين بمذيعين كوميديين وإعلاميين ضالين مضللين يمارسون فعل الدببة وهم أول من يستحقون. ليس سحب الجنسية فقط. بل سحب صفة الإنسان وتسجيلهم في خانات أخري أولي بهم وأقرب إلي طبيعتهم.