المصريون
محمود سلطان
وزير الأوقاف "يتقرب" من السيسي أم "يورطه"!
عندما سُئل وزير الزراعة الأسبق يوسف والي، عن "المبيدات المسرطنة" في عهد مبارك، قال قولته الشهيرة: "كلنا سكرتارية في مكتب الرئيس"! ولم يعرف حينها، ما إذا كان يقصد "يشيّلها" لمبارك، أم يقصد تقزيم منزلته وتعظيم منزلة الرئيس. ولكن والي كان ذكيًّا، وفهم الناس أنه يقصد تحميل مبارك مسؤولية سرطنة المحاصيل الزراعية وأنه "وافق" على استيراد المبيدات المسرطنة من إسرائيل، وأنه لولا موافقته ما تجرأ والي على هذا الصنيع. وتعتبر مصر رائدة في تصنيع "الوزير ـ السكرتير" عند فخامة الرئيس.. الكل تقريبًا يقبل العمل "شكاير رمل" تتلقى الانتقادات بالوكالة عن الرئيس ـ الصانع الحقيقي للسياسات ـ أو إلى "الراية الحمراء" في صراع الثيران؛ حيث يعتقد الثور الهائج أن مشكلته مع الراية الحمراء "الوزير" وليس حاملها ومُحركها "الرئيس" وهي نظرية أصل لها المفكر الجزائري الراحل مالك بن نبي، رحمه الله تعالى. وفي أواخر عهد مبارك، اتفق الوزراء على أن يشيروا في تصريحاتهم الصحفية، إلى أن كلَّ ما يفعلونه يأتي "بِناء على توجيهات السيد الرئيس".. والقليل منهم كان لا يتورع من القول "بناء على توجيهات سيدة مصر الأولى"!. لم يكن في وسع أحد حينها، اختبار هذه الإشارات، وما إذا كانت فرط تملق وتزلف للرئيس، أم يقصدون منها إعفاءهم من مسؤولية تبعات الفشل وخيبة الأمل، وتحميلها لرئيس الجمهورية. لكن بالتراكم، شال فعلاً مبارك الشيلة، وخرجت الملايين تهتف بسقوطه وتطالب برحيله، بعد أن تأكدت بأن المشكلة لم تكن في وزرائه ولكن توجد فيه هو، ولنتذكر كيف أنه رفض إقالة العادلي وعز، وأصر على وجودهما الأول على رأس الداخلية والثاني على رأس مجلس الشعب.. رغم أن المطالب الأولوية للثورة كانت إقالتهما، ولكن رفضه كشف أنهما فعلا سكرتارية وما يقومان به، كان بناءً على "توجيهات السيد الرئيس".. وانتهى به الحال بالطرد من السلطة، ووضعه في السجن هو ونجلاه، تحت ضغط ووهج الميادين الثائرة. المدهش.. أن وزير الأوقاف الحالي، د. محمد مختار جمعة، يعيد إنتاج طريقة يوسف والي ومجموعة وزراء مبارك.. إذ لم تمر مناسبة إلا ويحشر اسم الرئيس عبد الفتاح السيسي، فيما يعتمده من قرارات وسياسات في وزارته: فخطب الجمعة ـ كما صدر في بيان رسمي سابق ـ كتبت لـ 5 سنوات مقبلة، وستعرض على السيسي!! ويوم أمس 13/1/2017، قال أثناء زيارته لمحافظة القليوبية: "إن الوزارة بصدد إعداد خطة شاملة لتجديد الخطاب الديني في ضوء تكليفات الرئيس عبد الفتاح السيسي"!. ولا ندري ما إذا كان وزير الأوقاف يقصد ـ من حشر اسم الرئيس في كل تصريحاته ـ "التزلف" للسيسي أم "توريطه" على طريقة يوسف والي وأقرانه من وزراء مبارك مع الأخير؟! وأيًا ما كان القصد.. فإن الرئيس ـ والحال كذلك ـ هو الذي يكون عادة في الصورة، وتخفُت صورة الوزير، على النحو الذي يجعل من السيسي مسؤولاً وحيدًا لا شريك له.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف