الجمهورية
مدبولي عثمان
فوضي الأسعار في دولة التجار..!!
اشتري أحد الأصدقاء بوتاجازا من انتاج شركة محلية وفوجئ بأن سعره بلغ 3آلآف جنيه رغم أن سعره منذ عدة أشهر كان 1800 جنيه. قد يبدو هذا غريبا. فلا يوجد دولة في العالم حتي في بلاد "الواق.. واق" ترتفع فيها الأسعار بمثل هذه المعدلات الفوضوية. الأغرب أن الصديق بعد وصول البوتاجاز إلي منزله بحوالي ساعتين تلقي اتصالا تليفونيا من البائع يبلغه بأن السعر ارتفع إلي 3200 جنيه. غضب الصديق وطلب من البائع الحضور لاستعادة البوتاجاز ورد الثمن.الأكثر غرابة أن البائع استرد بضاعته قائلا: ¢ بكرة تندم إنك رجعته لأن الأسعار علي كف عفريت بتتغير كل ساعة مش كل يوم ¢. وهنا ارتفع غضب الصديق ورد: ¢ العفاريت ستكون أرحم بالمصريين منكم¢.
وأري أن فوضي الأسعار في بلدنا غير مسبوقة ليس في التاريخ المصري فقط ولكن في التاريخ الانساني كله. فهل يعقل أن ترتفع أسعار السلع مرتين في اليوم. بل من الجنون أن تري 7 أسعار مختلفة لنفس السلعة في مدينة واحدة. ينطبق ذلك علي كل السلع سواء كانت سلع ضرورية أو ترفيهية. وأفادني صديق كيميائي يعمل في مجال تحضير الأدوية ومستحضرات التجميل أن الحكومة تسمح لـ 12 شركة أدوية بانتاج دواء واحد. وفي الأسواق نجد 12 سعرا مختلفاً لنفس الدواء بحسب مزاج كل شركة.
وكشف أحدث تقرير للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء أن عام 2016 شهد ارتفاعات كبيرة وغير مسبوقة في اسعار السلع والخدمات. وجاء في التقرير بالنص: ¢ ارتفعت اسعار الطعام والشراب علي المواطنين بمعدلات لم تشهدها البلاد في تاريخها ¢.
وقال التقرير الذي أصدره الجهاز المركزي للتعبئة العامة الثلاثاء الماضي. إن الارتفاع السنوي في سعر الحبوب والخبز بلغ 54.1%. وبلغت الزيادة في أسعار الأرز 77%. كما بلغت الزيادة في أسعار المخبوزات الجافة 43.6%. أما أسعار الدقيق فارتفعت بنسبة 52.7%.
عندما تسأل أحد البائعين علي سعر سلعة يرد قائلا: ¢حتي الان سعرها كذا.. بعد شوية مش عارفين حيكون كام¢. تلك الاجابة تفضح أمرين: عجز الحكومة وجشع التجار.
والحديث عن جشع التجار يحتاج رصده إلي مجلدات لأن الغالبية العظمي من تجار التجزئة ونصف التجزئة والجملة أصبح كل همهم الربح الكبير وفي أقصر مدة ممكنة. ويتحقق لهم ما يريدون بزيادة السعر وتقليل المعروض من السلع حتي يدفعوا المستهلك للشراء خشية نفادها دون تفكير في الاسعار. وهناك الالاف من التجار دخلت حساباتهم مئات الملايين من الجنيهات من جيوب الفقراء نتيجة احتكار السلعة لعدة ايام فقط. ونذكر هؤلاء بان الاحتكار محرم شرعا بدليل السنة المطهرة بقول الرسول صلي الله عليه وسلم: "لا يحتكرُ إلا خاطئ.. رواه مسلم". وقوله صلي الله عليه وسلم: "من احتكر طعاماً أربعين ليلة فقد برئ من الله تعالي وبرئ الله منه".. رواه رزين. وخرجه الألباني في مشكاة المصابيح. وبدليل قول الله تعالي: "مَنَّاعي لِّلْخَيْرِ مُعْتَدي أَثِيمي.. سورة القلم". وقوله تعالي: "كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الأَغْنِيَاءِ مِنكُمْ.. سورة الحشر". حيث يري الفقهاء أنّ الاحتكار يجعل المال خاصاً في تداوله بين الأغنياء دون الفقراء. نظراً لما يستدعيه من ارتفاع الأسعار بما يعجز معه الفقير عن الشراء.
والاحتكار ممنوع قانونا بموجب القانون رقم 3 لسنة 2005 الخاص بحماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية ويهدف القانون إلي خلق بيئة تنافسية حرة وشريفة يلتزم فيها كافة الأشخاص العاملة في السوق بأحكام القانون مما يعود بالنفع علي المستهلك ويحقق الكفاءة الاقتصادية.
أما عن عجز الحكومة في ضبط الاسعار فحدث ولا حرج. فكل تصريحات المسئولين عن تراجع الاسعار التي اطلقوها العام الماضي حدث عكسها والاسعار في تزايد مستمر. ولم تفلح خطة المسكنات من خلال توزيع ملايين العبوات الغذائية أو نشر سيارات تبيع السلع المخفضة في الميادين وعبر بعض المنافذ الرسمية في كبح الاسعار. وتركت المواطن فريسة سهلة يلتهمها التجار. حتي رئيس الوزراء شريف اسماعيل لا يعرف متي تستقر الاسعار وخرج علينا بتصريح منذ أيام بأن الأسواق ستستقر خلال 3 شهور مع استقرار سعر الصرف.
العلاج يتطلب تدخلا حكوميا سريعا وصارما بفرض تسعيرة جبرية لكل المواد الضرورية بحيث تكون في متناول المستهلك وتراعي فيها توفير هامش ربح معقول للبائع. علي أن تكون مصحوبة برقابة حكومية صارمة تعاقب كل متجاوز.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف