الأهرام
اسامة الغزالى حرب
مهزلة التسريبات !
عندما تولى الرئيس عبد الفتاح السيسى حكم مصر كان لديه من الشجاعة والصراحة ما جعله يقول، إنه اكتشف ان مصر كانت «شبه دولة» بحكم ما لمسه من نواح كثيرة للقصور والخلل التى تراكمت فى العقود الماضية. وفى مواجهة الملامح السلبية «لشبه الدولة»، ادعو الرئيس السيسى للتدخل لمواجهة تلك الظاهرة السرطانية التى خيمت على الإعلام المصرى، وهى ظاهرة إذاعة تسجيلات لمكالمات تليفونية لبعض الشخصيات العامة، وتمثلت ذروة هذه الوقائع فى تسجيل استمعت إليه على موقع «يو تيوب» لمحادثة تليفونية بين رئيس أركان حرب الجيش المصرى سابقا، الفريق سامى عنان، والدكتور محمد البرادعى فى غمار الأيام الاولى للثورة المصرية فى يناير 2011 وكذلك تسجيلان آخران للدكتور البرادعى أحدهما مع أخيه السيد على البرادعي، والآخر مع السفير شكرى فؤاد «وليس مع د. عز الدين شكرى كما تصور المذيع!». إننا فى تلك الواقعة ــ واقعة التنصت و التسجيل، ثم الإذاعة ــ إزاء طرفين: الأول هو الجهة التى قامت و تقوم بتسجيل المكالمات التليفونية للمواطنين، سواء كانوا من الشخصيات العامة أو الأفراد العاديين..(هل هى المخابرات العامة، هل هى أمن الدولة، هل هى وزارة الاتصالات...أم جهات أخري). وهنا يكون من حقنا أن نسأل: ما هو السند القانونى للقيام بتلك التسجيلات التى تنطوى بلا شك على انتهاك سافر للدستور وللقانون. فالدستور واضح فى النص على أن للحياة الخاصة حرمه، وهى مصونة ولا تمس... وللمراسلات البريدية والبرقية والإلكترونية والمحادثات الهاتفية، وغيرها من وسائل الاتصال حرمة، وسريتها مكفولة، ولا تجوز مصادرتها أو الاطلاع عليها إلا بإذن قضائى مسبب ولمدة محددة. و المواد القانونية التى تعاقب على التنصت على المكالمات أو تسجيلها... فضلا بالطبع عن إذاعتها، واضحة فى قانون العقوبات. أما الطرف الثانى فهو بالطبع الجهة التى تذيع تلك التسجيلات. إن التنصت على ذلك النحو يمثل فى اى دولة محترمة كارثة و جريمة أخلاقية و سياسية لا تغتفر، وهو ما بدا واضحا عندما أجبر الرئيس الأمريكى السابق ريتشارد نيكسون على الاستقالة من منصبه عام 1974 عقب ان أثبتت التحقيقات تورطه فى التجسس على مقر الحزب الديمقراطى المنافس فى مبنى «ووترجيت» بواشنطن. إنني ــ بكلمة واحدة ــ أدعو إلى محاسبة الجهات التى تسجل وتسرب، و كذلك القنوات الفضائية التى تذيع هذه التسريبات، فتسىء إلى سمعة مصر ونظامها ومناخ العمل والنشاط فيها...بأكبر بكثير مما يتصور البعض!.

تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف