المساء
محمد جبريل
التجريب في الإبداع
أحاول- منذ تحولت القراءة عندي إلي هاجس للكتابة- أن أقدم المغاير أخوض رحلة لاتنتهي من التجريب سواء علي مستوي اللغة أو "الثيمة" التي أتناولها أو التكنيك الذي يفرض نفسه في كل عمل بحيث تأتي المغايرة من داخل العمل تنبثق في أثناء عملية الكتابة عملية التخلق أكتب بسرعة الارنب وأراجع بسرعة السلحفاة أي عمل ينتهي علي نحو مغاير ربما إلي حد التباين. مع الفكرة التي كانت تشغلني تحل شخصيات وتختفي شخصيات وتظهر أحداث بدلاً من أخري تصورتها يأخذ العمل الابداعي- في أثناء كتابته- طريقاً لم أكن تعرفت إلي ملامحها وأحياناً تتسع الرؤية. وتبين الملامح والقسمات فأشاهد من التقيتهم في مراحل عمري المختلفة واستمع إلي أحاديثهم وأناقشهم.
لايضايقني الرأي في عمل فني بأنه جيد أو ردئ. مجرد النقد الانطباعي. أو الملاحظة الانطباعية يفيد في التعرف إلي أبعاد لم يفطن إليها المبدع. هو رأي يصدر عن الفطرة. عن التذوق الشخصي وخبرة الحياة النقد الفني يختلف عن ذلك كله فهو يرفق مبررات القول بالجودة والعكس.. أذكر زيارة أوسكار وايلد لمعرض تشكيلي قال وهو يغادر المكان: هذا معرض سييء استوقفه الفنان في غضب:: من حقك ان تصف معرضي بأنه سييء لكن من حقي أن أعرف مبررات هذا الرأي!
لو ان صاحب الرأي كان شخصاً آخر غير أوسكار وايلد ربما لم يطالبه الفنان بأن يبرر رأيه في لوحات المعرض وهو تبرير لابد ان يستند إلي ثقافة متعمقة ليس في الفن التشكيلي وحده وإنما في كل ما يتصل بالابداعه الانساني.
من الصعب ان أطالب القارئ الذي ربما تكفيه متعة القراءة ان يطيل التأمل والتفسير واستكناه الدلالات لعل تعدد الدلالات مدخل جيد لتعدد الفهم والوعي الذي نتلقي من خلاله عملاً ما القارئ العادي غير مطالب إلا بمتعة القراءة اضافة إلي فهمه الانطباعي للعمل. أما القارئ الدارس الناقد فإنه يعيد قراءة العمل ويصدر حكمه عليه وفق قواعد يرتضيها سواء بقناعته الشخصية أو باجتهادات الاخرين.
سئل فوكنر ماذا تقول للقراء الذين لايفهمون اعمالك. رغم قراءتهم لها مرتين وربما ثلاث قال فوكنر: أقول لهم: اقرؤوها مرة رابعة
في المقابل من هذا الرأي يطالعنا قول الروائي الانجليزي إتش. ج ويلز لجيمس جويس عقب قراءته لرواية جويس "يولسيس" لقد تمتعت أنت بكتابة الرواية أكثر مما تمتعت أنا بقراءتها لا وقت لدي لحل كل هذه الالغاز أو أن أخصص لها ساعة من الساعات المتبقية في حياتي.
لا أتعمد الرمز أو التصريح كل عمل يفرض نفسه علي النحو الذي يختاره ولعلي أفضل ان يكتب العمل نفسه فأنا أبدأ كتابته وخاطر ي مشغول بفكرة أو رؤية أو تفصيلات غير محددة وقد يغلف ذلك كله هلاميات لاتهب ملامح محددة فيكتسب العمل- أثناء كتابته- ملامحه وتفصيلاته وتتخلق شخوص وأحداث ربما لم تكن في بالي حين بدأت الكتابة لا أسمح حتي الكلمات الهامة ان تشتت انتباهي أحتفظ- ما أمكن بقدرتي علي التركيز فلا يتوه المعني ما أكتبه ليس ألغازاً تحتاج إلي حلا لكنه قد يكون اضماراً يحتاج تركيزاً وفهماً.



تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف