المصريون
محمود سلطان
واقعتان خطيرتان !
13/1/2016، إلى الأنبا مرقس أسقف شبرا الخيمة، ومقرر اللجنة الإعلامية بالمجمع المقدس، وتأكيده على أن وزارة الداخلية، تدرب فرق كشافة الكنيسة على المهارات الأمنية! والواقعة الثانية، هي فرض "فيزا ـ تأشيرة" أمنية على كل مصري يرغب في دخول سيناء! والواقعتان خطيرتان: فالأولى تعني أن الدولة تنازلت عن دورها في تأمين الكنائس، لما تشبه "مليشيات دينية" غير شرعية.. إذ تظل كلمة "كشافة" كلمة فضفاضة وتُخفي كثيرًا عن تفاصيل هذا التنظيم الكنسي "السري"، وما هو السند القانوني الدستوري الذي تتكئ عليه شرعية تأسيسه وتدريبه رسميًا من قبل الأجهزة الأمنية بالدولة. الكنيسة المصرية مؤسسة وطنية، ومسئولية تأمينها، تتحملها الدولة وحدها، وإذا كان ثمة تقصير أمني أدى إلى ارتكاب جرائم مروعة بحق إخواننا المسيحيين، فإن على الدولة أن تحاسب وتعاقب المقصرين وفقًا للقانون، وأن تراجع سياساتها الأمنية، وتعالج القصور وتضع نظمًا صارمة؛ لتفقد الكمائن ونقاط الحراسة في عموم مصر.. لا أن تتخلى عن مسئولياتها، وتحيل مهمة التأمين والحراسة لـ"تنظيمات مدنية" غير شرعية.. إذ يبقى هذا الإجراء الأخير، قرارًا عبثيًا غير مسئول، يشرعن لـ"الصحوات الدينية" كبديل عن الدولة وجهازها الأمني.. كما سيفتح الباب لمؤسسات دينية إسلامية، لتطالب بالمساواة و"المعاملة بالمثل".. فهل تتحمل الدولة نتائج مثل هذه الفتنة؟! والواقعة الثانية، من ذات سلالة وجينات الواقعة الأولى، لأنهما يشتركان فيما يتعلق بـ"وحدة الدولة".. فإذا كان تدريب كشافة الكنيسة، مغامرة عبثية قد تتطور إلى تعزيز مشاعر العزلة والانفصال لدى المواطنين المسيحيين.. فإن فرض تأشيرة أمنية لدخول سيناء على المصريين، قد يعزز من تهيئة الرأي العام، ليوطن نفسه بالتدرج على قبول أي تطورات لاحقة تتعلق بمستقبل علاقة سيناء بالدولة "التقسيم" وخروجها عن السيادة الوطنية.. خاصة وأنها ـ أي سيناء ـ لازالت تتبوأ منزلة "الوطن التوراتي" بالنسبة لإسرائيل خاصة وليهود العالم عامة.. وكانت هناك محاولات سابقة للتوطين.. فيما لم تنقطع تسريبات تتحدث عن خطط استبدال أراضٍ بين الكيان الصهيوني ومصر، كـ"حل" للصراع الإسرائيلي الفلسطيني. ولعله من الأهمية هنا، الإشارة إلى أن التأشيرة لا تفرض على العابرين المصريين، نفق الشهيد أحمد حمدي وحسب، وإنما فُرضت على كل من يرغب دخول سيناء سواء من نفق أحمد حمدي أو من معديات الإسماعيلية والفردان وسرابيوم وغيرها.. يعني قرارًا عامًا، يشبه قرار حصار سيناء أمنيًا وعزلها عن الدولة. الواقعتان يأتيان في سياق الإصرار على التفوق الأمني على السياسي "المدني" في إدارة البلاد.. والتثاؤب المهني، واستسهال الحلول، وغياب الإبداع والخيال.. والنتائج المتوقعة، هي كما نراها الآن، ولا تحتاج إلى شرح وتفصيل. مصر تحتاج وبشكل عاجل إلى إصلاحات كبيرة، تعطي للمكون السياسي والمدني فرصته، بجانب الأمني بطبيعة الحال.. وذلك حال خلصت النوايا ويممت الوجوه شطر المصالح الوطنية العليا.

تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف