في الأمثال : كيف عرفت أنها "كذبة" قال : من طولها وعرضها.. ينطبق ذلك علي أزمة الدواء وأطرافها الثلاثة. كل يدعي حرصا علي المريض.. والمسألة كلها صراع علي قروش المريض قليلة أم كثيرة.. هم يحلبون البقرة العجفاء ¢المريض¢ لآخر قطرة!
وأطراف الأزمة ثلاثة : الصيادلة.. ووزارة الصحة وشركات الدواء. وكل يدعي وصلا بليلي.. وليلي لا تقر لهم بذاكا!
ولنبدأ بالصيادلة.. وقبل أن نبدأ نتساءل : هل الصيدلية تختلف عن محل البقالة؟ من يدير الصيدلية يحمل لقب "دكتور".. ويحمله تجاوزا.. إلا أنه ليس أميا.. "البقال" قد يكون أميا.. إلا أن مدرسة الحياة علمته ما لم تعلمه إياه المدارس والجامعات.
لو أن الصيادلة تعاملوا مع المريض.. كما يتعامل "البقال" مع زبائنه لا نظن أن مشكلة كانت ستحدث!!.. ولكن الصيادلة من وجهة نظري هم أول من عقدوا المشكلة كيف؟ الصيدلي يبيع وله هامش ربح هو يعرفه. ونحن أيضا نعرفه.. وإذا كان للمريض اعتبار فالواجب أن يبيعوا السلعة بما هو مدون عليها دون زيادة أو نقصان.. بعض البقالين الأمناء فعلوا ذلك وفيما بعد حين تأتيه السلعة بسعرها الجديد يعلن أن الشركات هي من سعرت الدواء فمن أراد أن يشتري فليشتر!.. ومن لم يرد بها!
لكن المشكلة في النزعة الانسانية المسماة "الطمع".. فور تعويم الجنيه تطلع الكل إلي تعويم ما يملكون من سلع حتي بائعة الفجل!
تسرع الصيادلة وأثاروا ضجة قبل الأوان.. وتغلبت عليهم صفة التاجر لا صفة الأستاذ المثقف.. بعض التجار مسحوا السعر القديم ووضعوا سعرا جديدا.. وبعض الصيادلة حاموا حول الحمي.. فأعلنوا الإضراب!!
لقد أعلن الصيادلة الإضراب قبل أن يعلن وزير الصحة الأسعار الجديدة للأدوية مساء الخميس الماضي وليذهب المرضي إلي الجحيم.
الوزارة كطرف ثان لا أظن أنها أدارت الأزمة أو تديرها كما يجب.. ما رأيكم في القرار الذي أصدره وزير الصحة وحذر فيه جميع القطاعات من شراء أجهزة أو مستلزمات طبية إلا بعد الرجوع إلي مستشاره لشئون المراكز الطبية المتخصصة المحال الي محكمة الجنايات أول أمس لتلقيه رشوة بمبلغ 2 مليون جنيه نظير إسناد توريد 12 غرفة زرع نخاع شوكي لشركة تعمل في مجال توريد المستلزمات الطبية بالمخالفة للقانون.. خطوط انتاج كثيرة كخطوط انتاج محاليل طبية توقفت بسبب عدم ورود خطة تشغيلها من وزارة الصحة وبعد ذلك نجد من يقول : ان الوزارة كل همها المريض.. قولوا كلاما آخر.
بالنسبة للطرف الثالث شركات الدواء : هذه لاشك تحتاج إلي من يستمع لمشاكلها بصبر وأناة فهناك 11 شركة دواء مصرية تنتج الكثير من الأدوية إلا أنها تحتاج لدعم في النواحي المالية وبعض النواحي الفنية وتحتاج لمن يأخذ بيدها إلي الطريق السليم.. لو حدث ذلك فإن هذه الشركات سوف تغنينا عن الاستيراد واستنزاف العملة الصعبة عمال علي بطال.. وقد نتعرض لمشاكلها في مقال قادم.
النائب هيثم الحريري عضو لجنة الصحة بمجلس النواب قال إن وزير الصحة خدع المواطنين في أزمة الدواء 3 مرات الأول : عندما تعهد في مايو الماضي بتوفير النواقص خلال 6 شهور وفي حال عدم توفيرها سيتم إلغاء قرار زيادة الأسعار والثانية : عندما تعهد بعدم رفع الأسعار عقب قرار تعويم الجنيه والثالثة عندما حذر من المساس بأدوية الأمراض المزمنة!