محمد جبريل
ع البحري - أزمة الصحافة القومية
أتاحت لي الظروف أن أتعرف إلي أبعاد القضية التي تناولها الأستاذ محمد أبوالحديد في كتابه الجديد عن أزمة الصحافة القومية. في الفترة التي تسبق ما عرضه من وثائق عن أول محاولتين جادتين لإصلاح المؤسسات الصحفية القومية. ربما خلال نصف قرن ـ والتعبير للأستاذ أبوالحديد ـ وهما محاولتان تعودان إلي 1996. حين صدر القانون الذي يحدد تسمية الصحافة القومية.
روي أبوالحديد ما جري من خطوات تستهدف إنقاذ الصحافة القومية من الارتباكات التي تعانيها بتأثير العديد من العوامل. ما بين حكومية وسوء إدارة. وعرض لاجتماعات. واقتراحات. ومذكرات. ودراسات متخصصة. وتعهدات حكومية. شحبت قيمتها في ظل ما سماه أبوالحديد مؤامرة ضد الصحف القومية.
حتي تتسع مساحة النقاش. الرأي والرأي الآخر. فتشمل معظم جوانب القضية. ضمن أبوالحديد كتابه مقالات لعدد من المشتغلين بالصحافة. تشير ـ في مجموعها ـ إلي القيود التي تحول دون انطلاق الصحف القومية. بما يعينها علي أداء دور مطلوب في ثورة الميديا التي يحيا العالم تأثيراتها.
كما أري. فإننا نستطيع تبين بداية الأزمة في المجلس الأعلي للصحافة الذي سعي لإنشائه استاذنا الراحل عبدالمنعم الصاوي عند توليه رئاسة نقابة الصحفيين. إنه البداية الحقيقية لما تعانيه صحافتنا القومية. وإن كان هدف إنشاء المجلس إيجابياً. وهو التخلص من سيطرة رأس المال. ومن الإشراف الحكومي.
المعني الذي أعد له عبدالمنعم الصاوي وعدد من كبار الصحفيين وخبراء الإعلام ورجال القانون. أن يكون المجلس تعبيراً عن العاملين في الصحف القومية. صحفيين وإداريين وعمالا. بحيث تصبح له شخصيته المستقلة من خلال عضوية عدد محدد من المشتغلين بالمهنة. بالإضافة إلي عضو أو أكثر من القضاة لتوفير الضمانات القانونية في قرارات المجلس.
الخطوات التي طرأت ـ فيما بعد ـ علي المجلس أبعدته عن الهدف الذي أنشئ من أجله. تحول بتبعيته لمجلس الشوري. وخضوعه لإدارة الحزب الحاكم. إلي مؤسسة حكومية. تحيا المعاناة نفسها التي تواجهها مؤسسات الدولة.
إذا وصلنا البداية بالواقع الذي أجاد محمد أبوالحديد تناوله في كتابه المهم. فإن الأزمة قد تحتاج إلي التوقف عند كل الأبعاد. ومحاولة سد الثغرات. واستبعاد العوامل التي أثرت بالسلب علي أداء المجلس الأعلي للصحافة.
الصورة القادمة التي لا أعرف من يعدها الآن ـ وإن كنت ألح أن تقتصر علي العاملين في مهنة الصحافة ـ تحتاج إلي ما تضمنه هذا الكتاب. الذي أعتبره ـ بحق ـ دليل الصحفيين الأذكياء الي مؤسسات. تحسن ملاحقة التطور الإعلامي في العالم. وترعي قضايا الصحفيين ومشكلاتهم.