الجمهورية
صلاح الحفناوى
رجع الصدي .. "مبرووك" يا "أوستاظ"..!

أدعو الله من كل قلبي ألا يسيء الزملاء في قسم التصحيح الظن فيّ. ويعتقدوا أنني أخطأت في كتابة كلمتي "مبروك" و"أستاذ" كما جاء في العنوان.. عموما سأراهن علي حسن الظن وأواصل الكتابة وأبدأ من حيث العنوان.
"مبرووك يا أوستاظ".. صاحب هذه العبارة طبيب تليفزيوني فضائي. يعالج العقم الذكري المستعصي بخلطتي أعشاب سحريتين. الأولي تجعل الزوج ماكينة بذور فائقة الجودة. والثانية تجعل الزوجة "أرضا خصبة" ولو كانت من قبل "بور".
الطبيب التليفزيوني يرفع. في الإعلان. سماعة الهاتف. بعد 21 يوما لا تزيد ولا تنقص. متصلا بزبونه "الأوستاظ" اليائس من الإنجاب. ليقول له جملة واحدة من كلمتين قبل أن يغلق الخط. وابتسامة واسعة تشغل معظم تفاصيل وجهه: "مبرووك يا باشمهندس".
تفاصيل أخري نطالعها بعد الفاصل. وإلي أن ينتهي هذا الفاصل وكل "الفواصل" في حياتنا أقول: لو كان الأمر بيدي لأغلقت نصف الفضائيات العربية وقفلت نصف ما تبقي. وحجبت نصف ما بقي. فمن بين أكثر من ألف فضائية عربية لا يستحق البقاء والاستمرار سوي خمسين أو ستين قناة.
ليس معقولا ولا مقبولا. أن نترك. باسم حرية التدفق الإعلامي. معظم مساحات فضائنا. لقنوات تكرس الجهل. وتروج للتخلف. وتستغل حاجة الناس لتدمر ما بقي لهم من صحة. ليس معقولا ولا مقبولا أن تتخصص قنوات فضائية عربية. في السحر وفك العمل وترويض الجن والعفاريت. فيخرج علينا من يؤكد القدرة علي جلب الحبيب في نصف ساعة حتي ولو كان في جزر "واق الواق" أو زيادة الرزق علي يد روحاني مغربي وزوجته الروحانية صاحبة المعجزات أيضا مغربية.
ليس مقبولا أن نجد من يدعي القدرة علي أن يجعل الفقير ثريا. والعجوز صبيا. والدميم جميلا والقصير طويلا. ولا يتورع عن إقحام الدين في وصفاته العبثية. ليضفي عليها هالة من القداسة ويمنع عن نفسه أي انتقاد.
فضاؤنا أصبح مليئا بالدجل والنصب. لأننا لا نحاسب هؤلاء ونرفض أن نتصدي لهم حتي لا نتهم بممارسة القهر الفكري والاعتداء علي حرية التعبير. وهي للأسف شعارات جميلة تطلق في غير الموضع المناسب ولا الزمان المناسب.
في قنواتنا الفضائية يعالجون البدانة بحزام الساونا والسكر بالعسل والصرع بالضرب المبرح المفضي إلي الموت لإخراج العفاريت.. ولا عزاء للحرية الإعلامية الحقيقية التي تبني لا تدمر.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف