الأهرام
فريدة الشوباشى
أمريكا ترامب .. والإسلام السياسى
يدور جدل واسع فى الولايات المتحدة الامريكية، فى هذه الأيام، حول دور واشنطن فى تشكليل واستخدام تنظيمات وحركات الاسلام السياسى، وماذا جنت وجنى العالم من جراء الاستعانة بهذه التنظيمات. ولم يعد بوسع اصدقاء امريكا التشكيك فى مدى فداحة مسؤوليتها عن هذه التنظيمات بما فيها «داعش» الذى نفذ المهمة بأقصى دقة ممكنة ولكن... ولكن ثورة الثلاثين من يونيو والتى عبرت أصدق تعبير عن رفض حكم الفاشية الدينية ومخطط تفتيت الوطن، سددت ضربة قاصمة للمشروع وأشاعت الارتباك فى صفوف اصحابه، فظهر على السطح ما ظل عقودا طويلة، داخل «معلبات الديمقراطية،وحقوق الانسان»،البراقة الزائفة،الى آخر القاموس الكاذب المضلل. وأتوقف هنا عند واحد من تفصيلات هذا المخطط الجهنمى مع تأكيد ما اعتقده يقينا، بأن أى مؤامرة من الخارج، تحتاج بالضرورة، الى ادوات منفذة فى الداخل..فلاشك انه يصعب على المراقب للتطورات الأخيرة فى مصر، إغفال الخطاب المعتمد لدى فصائل الاسلام السياسى والذى تتفاوت حدته، ما بين جماعة الإخوان وبين السلفيين، بصدد المصريين المسيحيين..فالبعض يرى انتصار الاسلام «فى طرد المصريين الأقباط» من وطنهم، وآخر يذهب الى إصدار الفتاوى، بتحريم إلقاء السلام عليهم او التهنئة بأعيادهم، وصولا الى «واجب!» قتلهم..

ورافق ذلك ازدياد العمليات الارهابية، بتفجير الكنائس وحرقها، فى مشهد لم تعهده مصر فى تاريخها،على ما اعتقد.. وبينما تصاعدت وتيرة استهداف الكنائس بالحرق والتفجير،خرج علينا برلمانى امريكى باقتراح قانون يمنح امريكا حق «مراقبة!؟» اداء الدولة المصرية بصدد عمليات الترميم!!! وبغض النظر عن كون «هذا القانون» فى حال صدوره، هو انتهاك فاضح للسيادة المصرية، فإنه يكشف بجلاء عن الارتباط الوثيق، بين التصعيد السلفى ضد اقباط مصر وبين الاجراء الامريكى المخالف لكل القوانين والاعراف والمجافى للشرعية الدولية، والذى يريد فى سابقة لا نظير لها،الا فى الولايات المتحدة،اضفاء الشرعية الامريكية، على جريمة انتهاك السيادة المصرية..نعرف بطبيعة الحال ان الدولة المصرية قامت،وفى زمن قياسى، بترميم جميع الكنائس المتضررة، وان قواتنا المسلحة نفذت اعمال الترميم بصورة مبهرة، من منطلق ان الجيش هو جيش مصر بكل ابنائها، دون تمييز بسبب العرق أو الدين، وذلك، حتى قبل وصول القانون المشبوه الى مجلس النواب او مجلس الشيوخ الامريكي.. وقد أدى تنامى التهديد السلفى للمصريين الأقباط الى انتشار فكرة «اضطهاد الأقلية المسيحية» ومن ثم، وجب على امريكا «حامية الأقليات !!» التدخل العسكرى فى مصر لحمايتها !! وبذلك يتضح الارتباط الأكيد، بين خطاب المتأسلمين العدوانى وبين الدعوة الى التدخل الامريكي، ورغم إسقاط المصريين لهذا المخطط الوضيع، إلا أنه يتعين على الدولة المصرية التصدى بقوة لأفعال التنظيمات المتأسلمة وأيضا لأقوالها التى تنضح بالتعصب الأعمى والإهانة لأبناء الوطن المسيحيين، وفى اطار تغير الادارة فى واشنطن، وانتقالها من باراك اوباما، الى دونالد ترامب،علينا ان نكشف كل الاوراق وان نعمل على إقامة علاقات سوية مع جميع دول العالم بما فيها الولايات المتحدة..على قاعدة الاحترام المتبادل.. فقد ألحق اوباما وادارته أضرارا بالغة بالوطن العربى كله، ويكفى ان يتطلع المرء الى خريطة المنطقة ليدرك بوضوح تام، حجم الدمار والخراب الذى أشاعه تنظيم داعش الارهابى اينما حل..فلا يصدق عاقل ان داعش يصنع أسلحته ذاتيا او ان المنتمين اليه يتقاضون مرتباتهم من دخل «الدولة الاسلامية فى العراق والشام»، وهو ما يؤكد تماما،أن الولايات المتحدة هى من يسلح كل التنظيمات الارهابية التى تتدثر بعباءة الاسلام والاسلام منها برىء، وهى من يُصدر الأوامر الى الدول النفطية التابعة لها، بتمويل هذا التنظيم.. وربما ادركت واشنطن ان مشروع الاستعانة بالإخوان والسلفيين قد ثبت فشله فشلا ذريعا ومن هنا فالفرصة قد تكون سانحة لإقناع ادارة ترامب بالتعاون وفق قواعد نظيفة،تحترم سيادة الدول ولا تسعى الى تفتيتها..
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف