اليوم- 16 يناير- يحمل ذكرى واحد من أهم القرارات السياسية التى أثرت بعمق على الحياة السياسية فى مصر طوال العقود السبعة الماضية ، إنه إعلان حكومة ثورة يوليو1952 حل الأحزاب السياسية فى 1953 ! و فى واقع الأمر، فإن إلغاء دستور 1923 كان هو المقدمة لذلك الحل. و فى الإعلان الدستورى الذى صدر فى 16 يناير 1953 باسم القائد العام للقوات المسلحة ، بصفته رئيس «حركة الجيش» اتهمت الأحزاب ب «إشاعة الفرقة، و الفساد، و الاتصال بالدول الأجنبية»..ثم أعلن البيان «حل جميع الأحزاب السياسية، و مصادرة جميع أموالها لمصلحة الشعب...بدلا من ان تنفق لبذر بذور الفتنة والشقاق»، وبعدها بيومين صدر المرسوم بقانون رقم 37 لسنة 1953لتنظيم هذا الحل متضمنا حظر القيام بأى نشاط حزبى على أية صورة كانت من جانب أعضاء الأحزاب السياسية المنحلة«. و فى الواقع، فإن حزب الوفد بالذات كان هو من الناحية الفعلية محور تلك المعركة للحركة الوليدة، و يرى كثير من المؤرخين و الباحثين أن الوفد فى تلك المعركة كان ضعيفا غير حازم ، فلم يعترض على دستورية قانون الأحزاب ، بل صرح النحاس باشا بأنه سوف يستبعد «المعتقلين» من صفوف الوفد! و لا شك أن الوفد استسلم لقدره فى تلك اللحظات الحاسمة من تاريخه، خاصة مع حالة الضعف التى كان يعانى منها بسبب كبر سن قياداته . و قد تم هذا وسط دعاية هائلة نشطت ضد الأحزاب عموما و الوفد خصوصا. غير أن «حركة الجيش»ما لبثت أن شعرت بالحاجة إلى «تنظيم سياسي» يؤازر أعمالها ويحشد الجماهير وراءها، فنشطت لشكيل «هيئة التحرير»، التى ما لبثت أن تحولت إلى الإتحاد القومى فى الخمسينيات ثم إلى الاتحاد الاشتراكى فى الستينيات . وإذا كان انور السادات قد عمل على إحياء الأحزاب السياسية ، بادئا برعاية »المنابر السياسية » فى الاتحاد الاشتراكى فإنه بادر بسرعة إلى تحويلها إلى أحزاب للوسط و اليمين و اليسار...إلخ وبقية القصة معروفة. غير أن التجربة طوال الفترة التالية فى ظل حكم مبارك- لم تخلف أى أحزاب حقيقية، لأنها ببساطة شديدة حرمت من أية إمكانية لتداول للسلطة. غير اننى اتصور اليوم خاصة يعد ثورتى يناير و يونيو- أن هناك إمكانية، بل حاجة ماسة، لظهور أحزاب حقيقية فى مصر ، باعتبار أن ذلك هو الشرط الضرورى و اللازم لإيجاد نظام ديمقراطى تعددى حقيقى فى مصر،غير ان تحقيق هذا الهدف ما يزال فى تقديرى أمرا بعيد المنال!