المساء
زكى مصطفى
مصر ولادة ..! ..
يسجل القرن الماضي - العشرين - ظاهرتين فنيتين تحبان كل ما حولهما وتتوازنان مع السلبيات التي انتهي بها القرن.
الظاهرة الأولي: هي الموسيقار "محمد عبدالوهاب" الذي نعتبره مطرب القرن بأكمله.. بصوته المتمكن الرقيق في كل مراحل العمر مع اختلاف المساحة الصوتية وأسلوب الأداء.. لدرجة انه اطلق عليه لقب "موسيقار الأجيال".
والظاهرة الثانية: كوكب الشرق وسيدة الغناء العربي "أم كلثوم" التي تخطت بغنائها حدود الجغرافيا واللغة.. إذ اسفر استطلاع للرأي أجرته الصحيفة الفرنسية "لوموند" بين قرائها عن فوز قصيدة - الاطلال - التي غنتها من أشعار الدكتور إبراهيم ناجي وألحان الموسيقار رياض السنباطي كواحدة من روائع القرن العشرين الفنية والأدبية.. وسوف تبقي كتراث انساني للأجيال القادمة.. وهما في ذلك مثل "السيمفونية التاسعة" لبيتهوفن والسيمفونيات: الرابعة والخامسة والسادسة لتشايكو فسكي.
وقد ظهرا نجما الغناء في مصر والقرن العشرين "أم كثلوم ومحمد عبدالوهاب" فترة ما قبل الحرب العالمية الثانية.. وقد أخذ كل منهما بمظاهر النهضة العلمية والثقافية.
يا تري.. من سيكون امتدادهما في القرن الحالي الـ "21"..؟
وهل يوجد من يستحق أو تستحق ان يطلق عليهما "ظاهرة" مثلهما في الأجيال الغنائية التي واصلت المسيرة بعدهما؟
وهل توجد الأصوات التي تملك الوصول لعقول شباب هذا القرن وتنويرهم وتزويدهم.. خاصة وان أغلب الشباب يردد الأغاني "إياها"؟!
ربما لا يوجد حتي الآن.. ولأن القرن الجديد مازال في سنواته الأولي.. نتعشم ظهور هذه الظاهرة في السنوات القادمة وعليكوا خير.. ويا تري مين يعيش.. فمازلت أردد وأتمسك بمقولة "مصر ولادة".. وكما أنجبت عبدالوهاب وأم كلثوم.. ستفاجأ الأجيال القادمة بإذن الله بمثلهما.. وبالطبع سيتم ذلك بعد ان تختفي من حياتنا موجات الإرهاب والعنف والبلطجة والهيافة والسخافة التي تطاردنا من خلال أغاني المهرجانات وبعض الاذاعات المتخصصة والقنوات المزعجة والميكروباصات والتكاتك الزاحفة.. وكفاية كده.. حتي يستطيع الشباب والأطفال أيضاً تعليم الشعور بالانتماء وحب الوطن.. وان تعود الموسيقي والغناء مثل زمان.. فقد كان الموسيقيون في مصر يشرحون في قصائدهم القوانين المدنية وأحكام الديانة وأصول الفلسفة والتاريخ وباقي العلوم والفنون.. فلم يكن لهم زمان من وسيلة لنشر المعرفة إلا الشعر الملحن! وكانت هذه الفنون بمثابة دروس خصوصية تجعل الناس في منتهي الرقي الثقافي والتعليمي والصحي أيضاً لأن المستمع زمان كانت أذانه تتمتع بالصحة والعافية لأنها خالية من التلوث السمعي الذي يصيبنا الآن!
ولست أدري ماذا قدمت الموسيقي في عصرنا الحالي.. عصر شعبولا وأورتيجا والصغير وأبوالليف ومطربة الحنطور؟
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف