من قبل أن نقرأ حديث سيادة الرئيس لرؤساء تحرير الصحف القومية لست وحدي ولكن كل الناس.. المائة مليون مواطن كلنا مقتنعون تماما.. بل مؤمنون والايمان آخر درجات الاقتناع كلنا مؤمنون بأن مصر إن شاء الله بإذن الله تعالي في طريقها الي "مصر بتاعت زمان".. مصر باذن الله هي التي ستعود "أوروبا العرب".. شوارعها وفنادقها بل وشققها مملوءة بالعرب بدلا من تعدية البحر الأبيض والذهاب الي أوروبا.. بلا مبالغة.. تحت نفس الرئاسة مصر ستعود باذن الله.. كان ملوك العرب يملئون شوارع سليمان باشا وقصر النيل وعماد الدين.. كنا نجد فيصل ملك العراق والحسين ومن قبله طلال ملكي الأردن وشكري القوتلي الرئيس الدائم لسوريا الذي كان يملك قصرين في القاهرة والاسكندرية وعبدإله الوحي علي عرش العراق.. كان هؤلاء وغيرهم شيئا طبيعيا ومتكررا ومألوفا تجدهم أمام محل البن البرازيلي تحت سينما ميامي في شارع سليمان باشا يشربون النسكافيه وقوفا أمام المحل!!!.. هؤلاء وغيرهم تعلموا في مصر في كلية فيكتوريا بالقاهرة والاسكندرية.. وكانوا يشترون ملابسهم من محلات وسط البلد!!!.. كان هؤلاء جميعا وغيرهم وزوجاتهم زبائن الأوبرا القديمة.. وكانت الأوبرا القديمة لها سلم علي الميدان.. وكنا نحن الشباب المراهق نقف من علي بعد لنري الفساتين السواريه والجميلات يرفعن طرف الفستان الي أعلي وهن يصعدن السلم الموجود في وسط الميدان!!! بالقرب من تمثال ابراهيم باشا.. وابراهيم باشا هو قائد أول جيش مصري غزا كل بلاد الشام التي كانت تبدأ بفلسطين إلي الاستانة.. حين شعرت أوروبا بالخطر فوقعت معاهدة مع محمد علي الكبير!! كان هؤلاء الملوك والرؤساء وزوجاتهم وأولادهم وبناتهم يأكلون الفول والطعمية.. نعم الفول والطعمية ولكنه ليس أي فول ولا أي طعمية.. كان في ميدان الاسماعيلية "التحرير الآن" محل اسمه "ايزافيتش" رجل يوغوسلافي هرب من بلاده ليفتح أكبر محل للأكلات الشعبية!!!.. مثل مسيو جروبي السويسري الجنسية!!! الذي هرب من بلاده خوفا من الضرائب التصاعدية!!
"..."
ولكن قولوا لي:
مش حرام نغير اسم شارع ابراهيم باشا باسم شارع الجمهورية.. واسم ميدان الاسماعيلية باسم ميدان التحرير.. وننكر فضل القائد الذي غزا عدة بلاد وخافت منه أوروبا.. وننكر فضل الخديو سليمان باشا الذي أراد أن يجعل مصر قطعة من أوروبا.
"..."
من عادتي أسرح في الكتابة وأنسي الموضوع الرئيسي.. فكما قلت في البدء.. المائة مليون مصري علي يقين بأن الرئاسة تعمل بأقصي جهدها بل بأكثر من جهدها تسعي لتعويض سنوات التخلف.. وتحاول أن تعيد مصر الي سابق عهدها باذن الله تعالي.. بل فاجأنا الرئيس بحكاية مصنع لبن الأطفال ومصنع الأدوية.. ونبعد عن الاستيراد وتحكم الدول فينا.. وشماعة الدولار وغيرها.. ونحن فعلا في أشد الحاجة لهذين المصنعين.. بالذات.. ولكن.
ولكن فقط نريد داخليا أن يتعاون الشعب مع الحكومة في حل مشاكلنا الداخلية.. حكاية الأسعار ممكن جدا أن يتولي الشعب الجزء الأكبر من حل المشكلة وسبق لنا ان واجه الشعب أطماع التجار وهناك مشروعات قديمة سبق أن مارسناها مثل "حكاية البتلو" القديمة مثلا التي أجبرت الجزارين علي تخفيض الأسعار خصوصا في الأرياف.. لماذا لا نعود مثل زمان لتربية المواشي وذبحها وتوزيعها علي البيوت.. سنعود الي أسعار زمان المذهلة.. وهناك مشروعات أسرية أخري تكسر أنف هؤلاء الجشعين.. والمكان ضيق فالي الغد.