لا أظن انه قد حان إسدال الستار على ملف جزيرتى تيران وصنافير، ولا نظن كذلك أن الحكم الذى أصدرته المحكمة الإدارية العليا، برئاسة المستشار أحمد الشاذلى نائب رئيس مجلس الدولة، صباح أمس برفض الطعن المقام من هيئة قضايا الدولة، وتأييد حكم محكمة أول درجة: ببطلان اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والمملكة العربية السعودية، سوف تكتب كلمة النهاية، وتعلن رئاسة الجمهورية عن امتثالها للحكم الصادر من الإدارية العليا.
نص المادة 151 من الدستور تخص رئيس الجمهورية، والبرلمان، وإرادة الأغلبية، حيث نصت على:"يمثل رئيس الجمهورية الدولة فى علاقاتها الخارجية، ويبرم المعاهدات، ويصدق عليها بعد موافقة مجلس النواب، وتكون لها قوة القانون بعد نشرها وفقًا لأحكام الدستور، ويجب دعوة الناخبين للاستفتاء على معاهدات الصلح والتحالف وما يتعلق بحقوق السيادة، ولا يتم التصديق عليها إلا بعد إعلان نتيجة الاستفتاء بالموافقة، وفى جميع الأحوال لا يجوز إبرام أية معاهدة تخالف أحكام الدستور، أو يترتب عليها التنازل عن أى جزء من إقليم الدولة".
والبعض يرى أن نص المادة لا يعتد برأى القضاء، وأنها حصرت الولاية فى رئيس الجمهورية والبرلمان والاستفتاءات، وأغلب الظن أن الحكومة تأخذ بهذا التفسير، وكذلك رئيس البرلمان وبعض أعضائه، لكن الخلاف على الخطوات، البعض يرى موافقة البرلمان نهائية، والبعض الآخر أكد انها خطوة قبل الاخيرة، وأن إرادة الشعب هى التى ستحدد مصير الاتفاقية، لهذا ليس من المستبعد أن ينظر البرلمان خلال الفترة القادمة الاتفاقية، وربما تدفع الحكومة بجماعة حب مصر إلى التصويت مع إعادتها إلى المملكة العربية السعودية، وقد يفتى البرلمان بعدم الحاجة إلى طرحها للاستفتاء لأنها ليست من معاهدات الصلح أو التحالف.
ما يهمنا فى هذا السياق أن نلفت النظر إلى جملة على قدر كبير من الأهمية فى نهاية نص المادة، هذه الجملة وضع فيها المشرع قيدا ومبدأ للرئيس والبرلمان يجب إتباعه عند إبرام أية اتفاقية، وهو عدم إبرام معاهدات:
1 ــ تخالف أحكام الدستور.
2 ــ التنازل عن جزء من إقليم الدولة.
وهو ما قد يفسره البعض بأن رئيس الجمهورية قد خالف الدستور بإبرامه اتفاقية تنازل فيها عن جزء من الإقليم، وبالتالى ربما يلجأ البعض إلى المحكمة الدستورية للحصول على حكم بعدم دستورية اتفاقية تيران وصنافير، وهو ما يعنى أن المسرحية لم تنته بعد، وأن هناك بعض المشاهد تبقت لفصل أخير، خاصة وأن رئاسة الجمهورية لم تكشف حتى اليوم عن الوثائق التى جعلتها توقع على اعادة تيران وصنافير.
وللأمانة يجب أن نقر بأن الحكومة هى التى تمتلك خيوط اللعبة، وبيدها الاعتراف بحكم الإدارية العليا أو تجاهله، وأنها، حسب رؤيتى، تعمدت عدم تقديم الوثائق التى تدعم موقفها للمحكمة لغرض فى نفس يعقوب، ونظن أن يعقوب لم يكتف بعد، وأنه قد يلعب ويتلاعب بالأوراق التى يدعى امتلاكها.