الذين قرأوا مقالي الأسبوع الماضي. أدركوا أن المقال لم يكتمل.. كان عنوان المقال: "دعوة إلي مؤتمر قومي".. ولكن المقال خلا من أي إشارة إلي هذا المؤتمر.. ولهذا تلقيت عدة استفسارات من أصدقاء يتابعون ما أكتب. يسألون عن هذا المؤتمر.. الذي جاء في عنوان المقال.. ولم يأت ذكره داخل المقال.. ولهؤلاء وللقراء الأعزاء أعتذر عما حدث.. فقد سقطت من المقال خاتمته.. وكانت فيها بعض من تفاصيل هذه الدعوة. وهذا المؤتمر.
وأستأذن القراء الأعزاء في أن أشير في كلمات قصيرة إلي موضوع مقال الأسبوع الماضي. وصولاً إلي الخاتمة التي اقترحت فيها هذا المؤتمر.. الذي أدرك البعض.. بحكم ما ورد في المقال أنه عن السياحة.. وأضيف اليوم بعض تفاصيل أخري لهذا المقترح.
وقد تناولت في الأسبوع الماضي ما سبق لي نشره في دراسة عن خسائر السياحة المصرية منذ 25 يناير ..2011 والتي قدرتها بنحو مائة مليار دولار كخسائر مباشرة. بخلاف ما كانت تحصله الدولة من ضرائب. وتأثير نقص العملات الصعبة التي كانت تقدمها السياحة علي الاقتصاد المصري. والمواطن المصري أيضاً. وتأثير فرص العمل الضائعة التي كانت توفرها السياحة. وتأثير دوران دخل السياحة في شرايين الاقتصاد المصري. والتي تعادل ثلاثة أضعاف هذه الخسائر طبقاً لمعدل دوران جنيه أو دولار السياحة في الاقتصاد.. وهو ما يعادل نحو ثلاثمائة مليار دولار.. باختصار: الخسائر نتيجة نقص النشاط السياحي خسائر فادحة.. ولا يمكن حصرها في هذا المقال.. ولهذا اقترحت أن تتولي جهة ما.. ولتكن وزارة السياحة أو الاتحاد المصري للغرف السياحية. أو الاثنان معاً. تكليف بيت خبرة مصري أو عالمي بدراسة النتائج السلبية التي احدثها تراجع النشاط السياحي منذ عام 2011 وحتي الآن.. لكي تكون هذه الدراسة دافعاً إلي وضع السياحة في مكانها الصحيح في الاقتصاد المصري كقوة دافعة. وقاطرة للتنمية. كما قال د.البلتاجي يرحمه الله وإن كان قد سبقه في هذا الرئيس الأمريكي رونالد ريجان. الذي استخدم هذا التعبير في مؤتمر سياحي أمريكي شهدته في أواخر الثمانينيات من القرن الماضي.
والآن. والموقف السياحي كما نراه جميعاً.. والأمل في العودة الكاملة لمعدلات الحركة السياحية مازال بعيد المنال.. وتتراشق أطراف عدة حول جدوي وتأثير حملات الدعاية والترويج لمصر التي تنفذها وزارة السياحة في عدة أسواق.. والاقتصاد المصري في أمس الحاجة إلي عودة السياحة إلي ضخ عوائدها المباشرة وغير المباشرة في شرايين هذا الاقتصاد.. وأيضاً في الشارع المصري. الأن مع كل حاجتنا إلي استعادة هذا النشاط الاقتصادي المهم.. والجاهز فوراً لإنعاش كل مناحي الحياة.. ألا يدفعنا هذا إلي التفكير في توحيد القوي الدافعة والمنقذة لهذا النشاط.. ووضع إطار عمل قومي نتشارك فيه جميعاً. ليس لإنقاذ هذه الصناعة فحسب. وإنما لوضع أساس قومي لانطلاقة تدفعنا إلي الوصول إلي الأعداد والدخل السياحي الذي نستحقه من هذه الأعداد. بعد أن تجاوزت أعداد السائحين في العالم رقم المليار والمائتي مليون سائح.. وبعد أن أصبحت السياحة جزءاً لا يتجزأ من طبيعة الحياة.. وحقاً لكل إنسان.
من أجل هذا كله.. أعود إلي اقتراح قديم لي. تتجدد أهميته هذه الأيام. بأن يكون للسياحة مؤتمر قومي سنوي تتم من خلاله مراجعة شاملة لمسيرتنا السياحية.. وتوضع أيضاً خطط واستراتيجيات العمل السياحي.
وأنا لا أدعو إلي مؤتمر خطابي.. يتحدث فيه البعض بعبارات إنشائية عن أهمية السياحة.. وإنما أدعو إلي مؤتمر تسبقه دراسات وأبحاث.. ويسبقه استشراف للمستقبل.. ويخلص إلي نتائج تكون مادة للنقاش. ومن ثم الاتفاق خلال هذا المؤتمر العلمي.. وليس الخطابي.
وفي تقديري أن أولي أولويات ما يجب أن يدرس في مثل هذا المؤتمر. كيف تستطيع دول تتعرض مثلنا للإرهاب. أن تحتفظ بتدفق الحركة السياحية إليها؟!.. حتي وإن تأثرت بعض الشيء.. ولكنها لا تتوقف كما يحدث عندنا؟!.. وقد يكون هذا لتملك هذه الدول مقومات التسويق والنقل لحركتها السياحية من أنحاء العالم.. من شركات طيران عملاقة تمتلك مكاتب الطيران. ومنظمي رحلات لا يعتمدون علي شركات أجنبية للتسويق لمقصدهم السياحي.. وهو ما يجب أن يدفعنا إلي النظر في هذه الجوانب ووضع الخطط للوصول إليها.. والحديث يطول حول ما يمكن أن نبحثه في هذا المؤتمر.. وفي التحضير والإعداد له.. فضلاً عن الموعد الملائم لانعقاده بعد الإعداد الجيد له.. وهذا حديث آخر بإذن الله.