الجمهورية
د. محمود وهيب السيد
مصير شركات قناة السويس
ونحن نتحدث عن نهضه عمرانية صناعية تنموية شاملة لمحور قناة السويس الجديدة. حتي أنها عدت من المناطق الصناعية الواعدة علي خريطة مصر المستقبل. وتم تعيين الدكتور درويش لتحمل هذا العبء الثقيل لما عرف عن الرجل من كفاءة إدارية وعقلية تنظيمية وقدرة قيادية صالحة لتحمل مسئولية هذا المشروع العملاق. من حقنا أن نتساءل عن مصير الشركات التابعة لهيئة قناة السويس والتي كان يعد الواحد منها صرحا صناعيا عملاقا.
فبعد تأميم الزعيم عبدالناصر. والذي احتفلنا بذكري مولده منذ أيام. لشركه قناة السويس وأعاد الحق لأصحابة. رأت القيادة السياسية أن قناة السويس لا ينبغي أن تبقي فقط مجرد مجري مائي يربط الشرق بالغرب ويقرب المسافات ويدخل موارد مالية من العملات الأجنبية. بل ينبغي أن تكون مشروعاً خدمي إنتاجي متكاملا يكمل بعضه البعض ويقدم الخدمات والأنشطة التي تحتاجها السفن العابرة به دون حاجتها للجوء للموانيء الأخري لتقديمها لها. فأنشأت عده شركات وصروح صناعية عملاقة موزعة علي طول مجراها من بورسعيد للسويس. وقد كان هناك ترسانتان بحريتان فقط الأولي بورسعيد والثانية بالسويس تقتصر مهمتها علي مجرد إجراء الإصلاحات الضرورية البسيطة التي قد تحتاجها السفن العابرة للقناة. فقامت بتطويرهما بإضافة أحواض مائية عائمة للقيام بالإصلاحات الكبيرة للسفن بما فيها عمرات لمواتيرها العملاقة. ثم تطور الأمر لبناء سفن جديده تم تحديث الأسطول التجاري البحري المصري والبناء أيضا للغير.
ولم يقتصر الأمر علي ذلك بل أنشأت عدة شركات عملاقه أخري. شركة التمساح لبناء السفن بالإسماعيلية وشركة القناة لرباط وأنوار السفن وشركة القناة للتوكيلات الملاحية وشركه الأعمال البورسعيدية.. وغيرها من الشركات المرتبطة بعمل القناة. وقد كانت كل منها مشروعاً إنتاجياً ضخماً يضخ كل عام ملايين الدولارات بخزينة الدولة. حتي أن شركة القناة للتوكيلات الملاحية والتي كان عملها مجرد تقديم الخدمات التي قد تحتاجها السفن العابرة من مواد غذائية أو تسهيل استخراج تصاريح العبور أو القيام باي خدمات أخري. هذه الشركة كانت تدخل لخزانة الدولة سنويا باسعار الثمانينيات من القرن الماضي حوالي 400 مليون دولار. بدون أن تحتاج أن يكون لديها أي رأس مال او مخازن أو حتي معدات. هذه الشركة العملاقة. وفي الأيام السوداء إبان عهد حكومة عاطف صدقي التي تم فيها العمل علي إفشال أي صرح صناعي إنتاجي تابع للقطاع العام تمهيدا لعدها من ضمن الشركات الخاسرة وبيعها. قام المسئولون بها بتوزيع خطوطها الملاحية العالمية التي تقدم خدماتها إليها علي أولادهم وأقربائهم. حتي أنني شخصيا كنت في زيارة عمل لمبناها الفخم الضخم المطل علي القناه فصدمت مما رأيت. مكاتبها مغلقة وحيطان طرقاتها وأسقفها يرتع عليها العنكبوت بأعشاشه. وما تبقي بها من موظفين ينعي ما مضي.
وكذلك بقية الشركات. فمثلا شركة التمساح لبناء السفن بالإسماعيلية كنت في مهمة تدريبية بها لرؤساء القطاعات ومديري الإدارات. فوجدت الجميع يشكون مر الشكوي وتكاد الدموع تتساقط من أعينهم علي حال الشركه. فمن يقول إن الشركة لم يدخلها لوح صاج واحد منذ عام لزوم تصنيع السفن. ومن يقول ان الشركة تمنع تعيين مهندسين وعمال جدد لكي يتم تدريبهم ونقل خبراتهم إليهم. وتشجع الموجودين علي التقدم للمعاش المبكر.بمعني أن الشركة ستترك في القريب العاجل بلا خبرات عمالية تصنيعية. وقس علي ذلك بقية الشركات العملاقة التي كانت تتبع قناة السويس. والظن أن حال هذه الشركات ظل علي حاله. بل أصبح من سيئ لأسوأ.
لذا.. فما أحوجنا ونحن نبني نهضة صناعية خدمية متكاملة علي ضفتي قناتي السويس أن نعيد إحياء تلك الشركات وأن نبعثها من سباتها الذي طال. فهي كنوز جاهزة تنتظر من يستغلها. فهل نغفل نحن الآن عنها؟
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف