الجمهورية
قدرى ابو حسين
نظرة للمستقبل .. قوانين .. مظلة للفساد
من أصدق أبيات الشعر التي قيلت عن توصيف حالة الفساد في مصر:
نامت نواطير مصر عن ثعالبها فقد بشمن وما تفني العناقيد
أي أن الشاعر يكاد يقول بلغتنا الدارجة: إن الحراس في مصر غفلوا عن حراسة إمكاناتها وثرواتها. ومقوماتها. وظلت تسرق حتي أن اللصوص لم يكتفوا بما نهبوا. ولا فنيت خيراتها ونضبت ثرواتها. فلو عرفنا أن هذا البيت هو من شعر "المتنبي" أي أنه مضي علي مقولته حوالي ألف عام. الأمر الذي يجعل قضية الفساد لا تقل في أهميتها ومرتبة الاهتمام بها عن قضية الإرهاب والتطرف. فكلاهما ينخر في جسد الأمة بهدف إسقاطها. لذا لم يكن غريباً علي الرئيس السيسي وهو يقود أشرس معركة تواجهها مصر "أكاد أقول بمفردها".. الإرهاب البغيض في كل صوره.. أن يعلن في ذات الوقت الحرب علي الفساد بأشكاله المتعددة. وها نحن نري نتائج ثمرات هذه الحرب في تساقط الفساد والمفسدين أفراداً كانوا أم عصابات في كل مناحي الحياة.. قد يتبادل إلي الذهن أن الفساد فقط في اللصوصية بمعناها الدارج ولكن أشكال الفساد بمصر متعددة تتخذ صوراً وأدوات وأساليب مختلفة..ليس اللص فقط هو من يضع يده في جيب الآخرين أفراداً أو هيئات. ولكن هناك سرقة أكثر ضرراً وأفعل شراً أقلها من يسرق الوقت ومن يسرق الجهد.. إلخ..كما قيل عن مصر بها من الطرائف والغرائب الكثير. فإن طرائف الفساد في مصر تتسع دائرتها لتشمل الكثير والكثير.. لعلي أذكر هنا ما يمكن تسميته بالفساد المقنن.
ولعلي أتذكر عندما صدر قرار تحويل بعض الهيئات إلي شركات. وكانت مياه الشرب من أوائلها. صدر قرار بتشكيل مجالس إدارات الشركات شاملاً عضوية سكرتير عام المحافظة. ورئيس المجلس الشعبي المحلي. وممثل للجامعة وآخرين.. يتقاضي هؤلاء بدل حضور جلسات. ولهم نصيب في الأرباح..كيف يستقيم الحال والسكرتير العام هو الذي نقل أصول واستثمارات المحليات إلي هذه الشركات بقيم متواضعة. وإن شئنا الحقيقة هي قيم صفرية. كيف لا يصنع ذلك وهو موعود بالعضوية بحكم القانون والمُقَلِّب في دفاتر هذه المهمة سيكتشف ما يندي له الجبين..حيث نقلت أصول واستثمارات من المحافظات والأحياء والمراكز والقري دونما مبرر.. ذلك ينصرف علي ممثل الجامعة وهي المرجع عن فحص المياه المنتجة. كيف نطمئن علي سلامة التقارير وممثل الجامعة عضواً في مجلس إدارتها؟!.. أما تمثيل المجلس الشعبي المحلي فهو الأنكَي والأضل. ومهمته الأساسية الرقابة علي المرافق والخدمات والمياه في مقدمتها؟!.. كيف سيؤدي المجلس المحلي دوره تجاه هذه الخدمة المرفقية المهمة. ورئيس المجلس عضو في مجلس إدارة الشركة؟!!
أدعو الرقابة الإدارية وهي في قمة نشاطها مدعومة من رئاسة الدولة أن تراجع كثير من القوانين والقرارات التي يتم الفساد تحت مظلتها.. سيجدها ظاهرة للعيان في شركات التموين والزراعة وغيرها. فلنقطع دابر الفساد من جذوره لتصحيح هذه القوانين والقرارات والتعليمات التي تفتقد الشرعية وتتعارض مع أبسط قواعد علم الإدارة.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف