عثمان الدلنجاوى
إنقاذ صناعة الدواجن من موت غير رحيم!
من يتحمل مسئولية أزمة صناعة الدواجن في مصر فالمواطنون يصرخون من غلاء أسعارها. والتجار يشكون ركود بضاعتهم. والمنتجون يلقون باللائمة علي حكومة قررت تعويم الجنيه دون توفير مستلزمات إنتاج محلية لصناعة تعتمد علي مدخلات مستوردة.
والحاصل أن أسعار الدجاج زادت بعد قرار التعويم. وتضاعفت بعد تراجع الحكومة عن قرارها بإلغاء الجمارك عن الدواجن المستوردة وهو القرار الذي لم يكن موفقاً ولا مرحباً به في أوساط المهتمين بهذه الصناعة الوطنية المهمة. ومن ثم أشاع هذا التراجع ارتياحاً عاماً لدي المنتجين والمستهلكين علي السواء. لكن دواعي هذا الارتياح سرعان ما تبددت تحت وطأة الغلاء الفاحش الذي ضرب أسعار الدجاج التي قفزت من 16 إلي 33 جنيهاً للكيلو جرام.
هذا الاضطراب في أسعار الدجاج التي لحقت بغيرها من السلع لا يبعث علي الطمأنينة» فلا شكلت الحكومة غرفة عمليات لإدارة هذه الأزمة بأسلوب علمي يشخصها بدقة وموضوعية. ويضع الحلول الناجعة لإنقاذها من عشوائية مفرطة تهيمن عليها وتمنعها من النمو والاستقرار وبلوغ حد الكفاية التي لم تعد ترفاً في ظل ما تعانيه مصر من خلل رهيب في ميزانها التجاري وتدبيرها للعملات الأجنبية بشق الأنفس.
مزارع دواجن القليوبية "وهي بالمناسبة أكبر منتج للدجاج في مصر» إذ تستحوذ علي65% من جملة الإنتاج" لا تعدو أن تكون عششاً متجاورة تفتقد أبسط قواعد الصحة البيطرية بما يسمح بانتشار الأمراض وانتقال العدوي. ومن ثم فهي تصارع موتاً غير رحيم "بتعبير المصري اليوم الصادرة 13 يناير". وقد أغلقت 90% من المزارع أبوابها لأسباب يعلمها القاصي والداني دون أن يحرك المسئولون ساكناً. وهي أسباب لخصها العاملون والمنتجون في ارتفاع أسعار الأمصال. وكذلك الأعلاف التي تجاوز سعر الطن 7 آلاف جنيه. بخلاف تلاعب السماسرة. والقرارات غير المدروسة وعدم توفر اسطوانات الغاز للتدفئة في هذا البرد القارس. الأمر الذي أدي لنفوق الدواجن. وانهيار بورصة سنديون. البورصة الوحيدة للدواجن علي مستوي الجمهورية» مما أوقف عملية التداول والبيع ولا يدري أحد عاقبة أو حدود مثل هذا الانهيار» لكنه الشعب وحده الذي يدفع ثمن هذه الخيبات.
وليس إنقاذ هذه الصناعة الوطنية أمراً صعباً. ولا مهمة مستحيلة. فالحكومة مطالبة بالتدخل العاجل ومد يد العون للمنتجين وإحكام الرقابة علي الأسواق لضبط الأسعار وتطبيق معايير الجودة. فالبديل هو المستورد الذي لن يقدر عليه السواد الأعظم من الناس. أو العزوف عن الشراء وما يرتبه من آثار كارثية أدناها سوء التغذية واعتلال صحة المواطنين لاسيما الأطفال والشباب في مرحلة بناء الجسم والبنية.. والسؤال متي تعجل الحكومة بإعادة تأسيس وإنشاء صناعة داجنة علي أسس علمية واقتصادية سليمة ولو بالشراكة مع القطاع الخاص ورأس المال الوطني. وهي صناعة رابحة وجاذبة لكثير من المستثمرين متي توفرت الإرادة والجدية والشفافية. وهي منظومة لابد أن تسبقها خطة متكاملة لزراعة وتصنيع الأعلاف. وإنشاء مراكز بيطرية وفق أحدث أساليب الرعاية الصحية.. باختصار مطلوب حلول عاجلة من خارج الصندوق فهل تقدر عليها الحكومة الحالية أم أن الحلم مؤجل حتي يأتي من يهتم ويقدر ويريد وضع الحلول وليس ترك صناعة بهذه الأهمية للمجهول..؟!