صباح الخير
مفيد فوزى
سماعي

فى مصلحة الأعداء

• كان بودى الكتابة عن الكتاب الذهبى «الضيف المهم الذى عاد». كنت أريد أن أحتفى بالحرف العربى سيد لغة الضاد، لغتنا وعرضنا ومظهر عزتنا.
كنت أريد أن أمجد قيمة أن «الإنسان القارئ لا يهزم» تلك العبارة المهمة المكتوبة باللغة الألمانية على باب معرض فرانكفورت الدولى للكتاب.
كنت أريد أن أكتب عن «استعداد» المؤسسة ببعض فرسانها المخلصين لإصدار الكتاب الذهبى من جديد بعد فترة احتجاب، فلم يكن «الوعى القومي» أحد هموم زمن تعس عشناه بعد ثورة يناير التى ركبوها ودلدلوا رجليهم، كنت أريد احتفاء شخصيا بعودة هذا الضيف فى المكتبة المصرية وكيف أن الكتاب الورقى لن ينسحب من الساحة أمام الكتاب الإلكترونى والنت. كنت أعتزم الكتابة عن الكتاب الذهبى وكيف دارت اجتماعات الفرسان الكتاب وكيف تم اختيار الكتاب وكيف فتشنا عن الكتب التى صدرت واشتقنا لعطرها.. لولا أن «تيارا» غامضا ساد أخيرا بين صحف الصباح وبين شاشات التليفزيون وعلى ألسنة بعض كتاب الأعمدة. الموضوع واحد «تضخيم لهجة الغلاء». الغلاء الذى يشكو منه ربما «القادرون» قبل «الغلابة». هذا الوتر له أهميته ولكن ليس قبل مصر.
• ولن أنكر موجة الغلاء العاتية وأتصرف كنعامة. نعم، هناك غلاء بعد تعويم الجنيه، ولا ذنب للغلابة فى هذا الإجراء الاقتصادى الذى لا أنكر أهميته، ولكن إبراز موجات الغلاء والتركيز عليها يصب فى مصلحة الأعداء. والمفهوم أن الصحف حين تركز فى أخبارها وتعليقاتها وكاريكاتيرها على الغلاء وحين تركز الشاشات على الغلاء ويشكو بعض المارة ويختمون كلماتهم بالدموع، فهذا - علميا واجتماعيا ونفسيا - يصنع «حالة من السخط العام»، نعم البسطاء يتأثرون بما ينشر ويذاع فيصيبهم الإحباط ويتحولون إلى كتلة من الغضب تصب فى مصلحة الأعداء. ومفهوم من هم أعداء هذا الشعب دون أن أحدد هويتهم، فهم كثيرون على حد قول نبيلة السيد «أكتر من الهم على القلب».
• ولا أظن أنه من الوطنية أن نبالغ فى موجة الغلاء فقد مرت مصر بموجات مماثلة فى فترات مختلفة ولاأزال أتذكر «المظاهرة الشهيرة» أيام عبدالعزيز حجازي: حجازى بيه اللحمة بقت بجنيه! «أيام زمان» ولكن المصرى لا ينام دون عشاء.. والمصرى يعرف كيف «يدبر» أموره بجمعيات صغيرة يقبضها كل أول شهر، وهذا الاختراع المصرى يحل أزمات كثيرة، والمصرى لن يكون تابعا ولن يركع لأحد، ولن يسير فى تيار أحد، المصرى كرامته واعتداده بذاته ليست للمساومة. والمصرى صاحب الأرض وصاحب عبقرية المكان كما أشار جمال حمدان فى كتابه الشهير هو «عبقري» فى إسقاط خطط الأعداء مهما كان خبثها واحتشادها، فهو الشعب الذى أسقط أعداءه بصمود لا مثيل له. إنها مصر محفوظ وزويل وأم كلثوم وعبدالحليم، أرغول يقاوم الحزن والإحباط ويفتل من مشاعر الضيق حبلا يشنق به من يريدون إسقاطه من فوق جواده.
• إعلام مصر يجب أن يكون «درعا» فى ظهر السيسى لا «شوكة» فى ظهر مصر. •
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف