المساء
مؤمن الهباء
شهادة .. بين السياسة والرياضة
تشتعل المنافسات الرياضية بقوة هذه الأيام لتأخذ الحيز الأكبر من اهتمام الجمهور.. بينما تضيق المنافسات السياسية ويخفت صوتها رويداً رويداً.. حتي لا يبقي منها شيء يستحق المتابعة والاهتمام.. الفرق الرياضية المتنافسة ـ خاصة في كرة القدم ـ تحصل علي فرص هائلة للإعلان عن نفسها.. ولديها ما تتحدث به ويجذب الجمهور.. وتجد من يتحدث عنها ويحل مشاكلها.. بينما الفرق السياسية المتنافسة تتآكل ويتآكل دورها.. وتدخل في سكرات الموت البطيء.
الملعب الرياضي يتسع ويتمدد ويجذب الأضواء المبهرة.. ويجري تلميع نجومه بكل الوسائل.. بينما تنحسر الأضواء عن الملعب السياسي الذي ينكمش ويتقلص وتنطفئ نجومه واحداً تلو الآخر.
بعد ثورة يناير تصارع الجميع للمشاركة في الحياة السياسية وإنشاء الأحزاب التي تجاوز عددها المائة.. وفي المقابل خفت حدة المنافسات الرياضية وأخذت شكلها الطبيعي.. وأحياناً توقفت تماماً.. لكن الأحزاب الآن تعاني من الانهيار والتصدع الداخلي.. وانكشفت حقيقتها.. وتبين أن معظمها أحزاب كرتونية ليس لها وجود علي أرض الواقع.. أحزاب مصطنعة.. وهو ما يهدد الحياة السياسية.. خصوصاً عندما تنعكس الصراعات الحزبية علي البرلمان.
حزب "المصريين الأحرار" صاحب الأكثرية في البرلمان ـ 64 نائباً ـ دخل دوامة الصراعات والانشقاقات بعد أن عقد رئيسه الدكتور عصام خليل مؤتمراً عاماً للجمعية العمومية للإطاحة بالمهندس نجيب ساويرس مؤسس الحزب ومموله الرئيسي والمجموعة التي كانت تحيط به فيما يسمي بمجلس الأمناء.. وهي المجموعة التي وضعت برنامج الحزب وفلسفته.. وأدي هذا الانقلاب المفاجئ إلي حالة من البلبلة والتصدع أصابت الحزب بالجمود.. وصارت تهدد وجوده ومستقبله السياسي.
ويشهد حزب "المؤتمر" أزمات داخلية كبيرة ظهرت علي السطح بعد تقديم الأمين العام للحزب اللواء أمين راضي استقالته اعتراضاً علي طريقة إدارة الأمور وتهميش دوره وإبعاده عن القرارات التي يتخذها الحزب.. وأعقب ذلك تقدم عدد من أعضاء الحزب باستقالاتهم من محافظات الإسكندرية والجيزة وكفر الشيخ تضامناً مع الأمين العام.. لكن رئيس الحزب الربان عمر صميدة يؤكد أن الاستقالات محدودة ولا تمثل خطراً.. وتحاول بعض القيادات اللجوء إلي عمرو موسي مؤسس الحزب من أجل التدخل لاحتواء الأزمة والصلح بين الأطراف المتناحرة.
ومازال الوفد يعاني من الانشقاق بين جبهة السيد البدوي رئيس الحزب وجبهة الإصلاح برئاسة فؤاد بدراوي.. وقد فشلت كل محاولات الصلح بين الجانبين حتي وصل الأمر إلي اتهام أعضاء تيار الإصلاح باقتحام مقر الوفد وإغلاقه بالجنازير.
ومن أهم الأحزاب التي شهدت تصدعاً وانهياراً حزب "الدستور" الذي أسسه الدكتور محمد البرادعي ثم تركه وغادر البلاد ليسقط الحزب في مستنقع الانقسامات والانشقاقات والاستقالات.. ولم يعد له صوت مسموع علي الساحة.. وبعد مرور أقل من عام علي اختيار تامر جمعة للقيام بأعمال رئيس الحزب يبدو أن الرجل قد اتخذ قراره بكتابة سيناريو النهاية لهذا الحزب بعد أن تقدم باستقالته في أغسطس الماضي إثر فشل الحزب في إجراء انتخابات داخلية لرئاسة الحزب منذ استقالة هالة شكر الله.
أما علي صعيد مجلس النواب فإن هناك العديد من الأعضاء مهددون بإسقاط عضويتهم لأسباب مختلفة.. بعضهم لتغيير صفته الحزبية بعد أن أقيل أو استقال من الحزب الذي دخل الانتخابات علي قائمته.. وبعضهم بسبب تقديم استقالته من المجلس.. والبعض الثالث بسبب مواقفه داخل البرلمان.
ويحتفظ الدكتور علي عبدالعال رئيس المجلس في درج مكتبه بكثير من طلبات التحقيق مع عدد من النواب أمام هيئة المكتب أو لجنة القيم في انتظار اللحظة المناسبة لإخراج كل من هذه الطلبات وفقاً لمعطيات الظروف.. ومن أبرز الأسماء المهددة في هذا الملف النواب عماد جاد وأكمل قرطام المستقيل وأسامة شرشر وإلهامي عجينة ومحمد أنور السادات وهيثم الحريري وأحمد طنطاوي.
وهكذا تضيق الدائرة علي لاعبي السياسة بينما تتسع لأقصي مدي أمام لاعبي الرياضة.. والأيام دول.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف