الجمهورية
محمد المنايلى
الاجور الفاسدة
لعل البعض يتفق معي ان فساد منظومة الاجور زاد من اشتعال جميع العلاقات حتي الاجتماعية بين المواطنين وأوجد نوعا من الكراهية داخل البلد الواحد بل والاسرة الواحدة ولذلك فاعتقد انه حان الوقت لاعادة صياغتها لتحقيق أول خطوة عدالة لبناء وطن فتي.
وقبل ان نشرع في الحديث عن تلك المسألة لابد ان ندرك ان ما فعلته الحكومات منذ بدء ثورة 25 يناير من اصدار قرارات "عنترية" بفرض الحدين الادني والاقصي للاجر كان خطأ لان الاصل في ذلك يجب الا يتم الا بعد إعادة النظر في الهيكل النسبي للاجور لتحقيق العدالة الافقية بين القطاعات والعدالة الرأسية في سلم الاجور والدخل داخل القطاع الواحد الذي لحق به العديد من التشوهات وكان يجب اعتماد مفهوم الدخل بدلا من الاجر أو الراتب الاساسي أي الاخذ في الاعتبار البدلات والمكافآت والحوافز علي اساس انها جزء من الدخل هذا ما كان يجب ان تلفت اليه وزارة التخطيط المسئولة عن ملف الاجور والتي كثفت من اجتماعاتها وأخرجت لنا مولودها قانون "الخدمة المدنية" علي أساس انه سيؤدي إلي خلق نوع من العدالة في الاجر والادهي من ذلك انها لم تشرك ولم تستعن بالخبراء ولابزملائها من الوزارات.
عزيزتي وزارة التخطيط ان ملف العدالة في الاجر يبدأ من حيث الخطوات الفاعلة التي يجب ان تأخذها الدولة في ملف العدالة الضريبية وإقرارها من خلال إطار يضمن عدالتها باعتبارها محورا هاما للوصول إلي العدالة بحيث يكون اسهام الافراد في الاعباء الضريبية متناسبا مع دخولهم ويتم ذلك بوضع نظم للضرائب التصاعدية والتحويلات الاجتماعية مع إعادة توزيع الدخل لملكية الاصول الانتاجية
وايضا يجب ان تكون هناك خطة قومية شاملة تضمن اشتراك الدولة في الاستثمار الانتاجي وليس فقط الاستثمار في البنية الاساسية والمرافق العامة الخدمية علي ان تترك الدول ذلك للقطاع الخاص.. لان اصل ادوار بناء الدولة الحديثة ان تكون الحكومة مسئولة عن التشريعات والرقابة والمتابعة والقطاع الخاص يقوم بدوره التنموي والمجتمع المدني فعليه دور خطير وهو توعية وتنمية المجتمع ولكن للاسف فان الحكومة عندنا تقوم بكل هذا كما ان الخطوة التالية لما نتحدث عليه وهو الاعتماد علي رأس المال البشري لاقصي حد والاهتمام به مع تمثيل الممتاز مع الشباب في صنع القرار.
ويجب ان يدرك من ينامون ويستيقظون ويصدرون القرارات والقوانين دون دراسة ان اعادة توزيع الاجر أو الدخل لاتكون مرة واحدة في العمر.. ابدا.. بل يجب ان يكون مستمرة أي تكون هناك تفاعل مع نبض الاسعار والشارع وهذه مسئولية المجلس القومي للاجور التابع لوزارة التخطيط.
ان الخطوات التي تسير الدولة الان عليها من وجهة نظري تعد المنظومة الاقرب لتطبيق العدالة في الاجر ولكنها تحتاج لوقت وصبر وعلينا ان نعلم ان هناك رموزا مازلت تحاول عرقلة ملف العدالة التي تسعي إليه الدولة.. يبقي ان احذر مرة ثانية من تعشش العناكب في اركان لصالح طبقة بعينها تريد الهيمنة لا التنمية المستدامة.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف