الأهرام
أحمد سعيد طنطاوى
اختفاء السياحة على قدمين
زمان، وأنا طفل صغير كنت كلما أتيحت لى الفرصة للذهاب إلى القاهرة بالقطار، أشاهد عدداً لا بأس به من السائحين فى محطة رمسيس للقطارات.. الآن ورغم أنني أذهب إلى القاهرة يومياً فقلما أشاهد سائحين فى محطة القطار.. لماذا؟!
لا أعرف.. وبالطبع ليس عندي إجابة قاطعة، حاسمة!.. وأعتقد أيضا أن غيرى ليست عنده تلك الإجابة القاطعة عن سر اختفاء السائح من الأماكن العامة المزدحمة فى مصر، وليست محطة القطارات فقط، وإنما معظم أو كل الأماكن العامة.. وتوجهه إلى الأماكن التى لديها أسوار أو ذات طبيعة خاصة مثل مدن الغردقة وشرم الشيخ والأقصر.. هذه المدن حيث يمكن السيطرة على حركة دخول وخروج الناس، كما لطبيعتها الخاصة والتى تتمثل فى بعدها عن القاهرة وغلو الإقامة فيها.

السياح فى مصر.. قليلون فى الشوارع، كثيرون فى الحافلات، لا يترجلون إلا قليلا.. ولا نشاهدهم بجوارنا فى المطاعم، ولا تلتصق أكتافهم بأكتافنا إلا فى أماكن خاصة ووفق ظروف خاصة.

هنا فى المقال دعوة للمختصين والخبراء والمحللين لمعرفة السر وراء اختفاء السائح من الشارع!!.. فأنا هنا لا أتكلم عن قلة أعداد السائحين فى مصر خلال السنة الماضية بسبب حادثة الطائرة الروسية، وبسبب بعض الأحداث الأخرى التي لا داعي لذكرها، أو بسبب انعدام الأمن فى فترة من الفترات.. ولا أشير إلى تراجع إجمالي عدد السياح الوافدين إلى مصر بنسبة 40% خلال عام 2016.. وفقا لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.. ولا أتكلم عن تراجع السياحة فى السنوات الخمس الماضية بسبب الاضطرابات فى مصر بعد أحداث 25 يناير.. ولكننى أتحدث عن اختفاء السائح الأجنبى من الطرق العامة والميادين العامة والأماكن العامة إلا فيما ندر.

علينا أن نعرف أن السياحة فى أحد اصطلاحاتها هي "word of mouth".. والمعني أنها كلمة يتناقلها الناس فيما بينهم عن طبيعة الشعب والأماكن التى يزورونها.. حلوها ومرها.. جمالها وقبحها.. وكلما أشاد السائح بالبلد عن أصدقائه بمكان بمعين كلما زادت السياحة إلى هذا المكان.. والسؤال هنا.. هل تلقى السياح الجدد تحذيرات من السياح السابقين عن عدم السير فى الشوارع المصرية نظير سخافات المصريين؟! والأجابة أحيلها مرة أخرى إلى الخبراء والمختصين.

والسياحة تبدأ من لحظة دخول السائح باب القنصلية أو مكتب مصر للطيران.. فالذي يراه ويسمعه ويلاحظه هو بداية القصة لعراقة دولة كبيرة اسمها مصر.. فإذا وجد فتورا وتكشيرة.. شعر حينها بأن باب مصر يغلق فى وجهه.. إما إذا وجد ابتسامةً وترحيباً فهذا معناه أنه سينزل وسط من يحبون أن يرونه سعيدا.. قس على ذلك رجل فى المطار، وسائق التاكسي ورجل الشارع، وبائع المنتجات اليدوية فى سوق خان الخليلى.

كلنا يدرك أن السياحة واحدة من أعظم صناعاتنا الوطنية، ولكننا نختلف حول من يقع عليه الفضل وعلى من يقع اللوم، الإجابة بسيطة كلنا شركاء فى الإزدهار، وزراء وعمال وفنيين ورجال الأمن.. وكذلك شركاء فى اللوم.

فعلينا أن نجتهد كثيرا وكثيرا من أجل عودة السياحة إلى مصر، وعلينا أن نجهتد أكثر من أجل عودة السياحة إلى شوارع مصر.. والمعني والفرق واضح.. وهذا هو مربط الفرس.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف