الجمهورية
بسيونى الحلوانى
علاقتنا بالسعودية.. وإخراس دعاة الفتنة
كما قال أخي وصديق عمري المستشار السيد أبوشحاتة الحوفي نائب رئيس هيئة قضايا الدولة "السعودية دولة شقيقة. وأتمني ألا يجرنا أمر الجزيرتين تيران وصنافير إلي تصدع العلاقة الحميمة بين البلدين تنفيذاً للمخططات الخارجية التي هدمت أكثر من دولة عربية شقيقة".
غضب المستشار الجليل من العبث الإعلامي والمعالجة غير الحكيمة في بعض وسائل الإعلام المصرية والسعودية لقضية الجزيرتين يشاركه فيه ملايين المصريين والسعوديين العقلاء الذين يدركون جيداً أن الخلاف علي جزيرتين صغيرتين لا ينبغي أن يجر أكبر دولتين إسلاميتين في الشرق الأوسط إلي خلاف يفسد علاقات الود والتفاهم والتعاون والتحالف الواجب بينهما خاصة أنهما يتمتعان بعلاقات تاريخية.
علي المستوي الرسمي كان المسئولون في مصر منذ بدء أزمة الجزيرتين علي مستوي المسئولية. فلم ينجر مسئول مصري إلي تصريح يعكر صفو العلاقة بين البلدين. وعندما سئل وزير الخارجية سامح شكري منذ أسبوعين عن العلاقة المصرية السعودية ومحاولات تصفية الأجواء قال كلاماً مسئولاً ومحترماً يؤكد تقدير مصر للسعودية ملكاً وحكومة وشعباً وأكد تلاحم الدولتين والعلاقة الوثيقة بينهما ونقلت ذلك كل وسائل الإعلام العربية.
أيضاً.. خطوات الحكومة المصرية ومبادرتها بإحالة اتفاق ترسيم الحدود بين الدولتين إلي البرلمان للموافقة عليه منذ اسبوع وتعرضها لموجة غضب شعبي جديدة يؤكد حرص الحكومة علي تنفيذ ما اتفقت عليه وتعهدت به مع الشقيقة السعودية.
كل هذه الإجراءات بعيداً عن حكم المحكمة الإدارية العليا بمصرية الجزيرتين يؤكد أن مصر حريصة كل الحرص علي علاقتها بالشقيقة السعودية وقد تعرض كبار المسئولين في الدولة لموجات غضب شعبي متصاعد نتيجة التنازل عن "تيران وصنافير" ويكفي أن تتهم الحكومة من بعض السياسيين والقانونيين بأنها "الحكومة الوحيدة في العالم التي لجأت للمحكمة لتؤكد عدم تبعية جزء من أرضها والتنازل عنه لدولة مجاورة".
في مقابل ذلك كنت أتمني أن يخرج مسئول سعودي كبير ليخرس ألسنة هواة الفتنة والوقيعة والصيد في الماء العكر. وهم موجودون في البلدين وخارج البلدين.. ويؤكد أن العلاقة مع مصر تسودها المودة والتفاهم والعمل المشترك لصالح الأمتين العربية والإسلامية وأن قضية الجزيرتين لن تفسد الود والتفاهم بين الدولتين.
للأسف لم يحدث ذلك وفهم بعض الإعلاميين والسياسيين في المملكة أن هذا الصمت السعودي الرسمي يترجم حالة غضب عارمة من مصر نتيجة موقفها من الأزمة السورية ودعم هذا الفهم قرار السعودية بوقف ضخ البنزين والسولار المتفق عليه بين شركة أرامكو السعودية والشركات المصرية تنفيذاً لصفقة اقتصادية بحتة.. ثم زيارة مستشار الملك سلمان لسد النهضة الاثيوبي وهي زيارة استفزازية للمصريين في هذا التوقيت بالذات.. ثم زيارة الملك سلمان لقطر وتصويره وهو يرقص إلي جانب تميم الذي يتآمر ضد مصر. في وقت تحدثت فيه وسائل إعلام عربية عن فشل جهود الإمارات لترتيب لقاء قمة بين الرئيس المصري والملك السعودي لتصفية الأجواء وإخراس ألسنة دعاة الوقيعة والفتنة.
في ظل هذه الأجواء بدأت حملة تطاول علي مصر قيادة وشعباً وامتلأت مواقع التواصل الاجتماعي بعبارات سخرية من جانب بعض السعوديين. ورد عليهم بعض المصريين وأصبح المجال مفتوحاً لدعاة الفتنة والوقيعة وما أكثرهم خاصة أن العلاقة المصرية السعودية مستهدفة منذ فترة من قوي معادية لتحالف الدولتين.
من هنا أتمني أن تكون الكلمة الآن للعقلاء والموضوعيين في مصر والسعودية وأن يخرج كبار المسئولين في البلدين الشقيقين لوأد الفتنة وإخراس ألسنة هواة الوقيعة وإفشال مخطط التآمر لضرب علاقة البلدين لصالح قوي الشر وما أكثرهم في عالم اليوم.
بعيداً عن العناصر الشاردة هناك أصوات سعودية عاقلة تؤكد علي روابط الأخوة بين البلدين. وتؤكد أن العلاقة التاريخية فوق كل محاولات الوقيعة. لكن علي المستوي الرسمي لم يصدر عن مسئول سعودي واحد تصريح داعم لاستمرار التعاون والتشاور بين البلدين.. والصمت هنا لا يفيد ولا يخرس الألسنة التي يجب أن تخرس للحفاظ علي الروابط والعلاقة القوية بين مصر والسعودية.
لا ينبغي أبداً أن يستجيب الأشقاء في السعودية. لمحاولات الوقيعة والفتنة وأن يظهر بعض السياسيين والمثقفين السعوديين في قناة الجزيرة القطرية ليوجهوا انتقادات لاذعة لمصر ويرددوا نفس العبارات الماسخة التي يرددها المعايرون لمصر بسبب ظروفها الاقتصادية الصعبة.. وقد ظهر من خلال المداخلات والتعليقات أن بعض المثقفين السعوديين مازالوا علي هوي الإخوان وبعضهم يصف النظام الحاكم في مصر ب "حكم العسكر" أو "النظام الانقلابي" وهو ما قد يسهم في تأجيج مشاعر الغضب في نفوس غالبية المصريين.
كل ما أتمناه أن يعي الأشقاء في السعودية أننا أشقاء بالفعل وأننا سند لهم في كل الظروف والأحوال كما كانوا خير سند لنا في الظروف الصعبة التي مرت بنا. وأن اختلاف الرأي في ملف من الملفات السياسية لا يعني أننا في مواجهة سياسية مع السعودية. أو أننا اتخذنا موقفا كله شطط ونكران للجميل أو أننا سرنا في طريق الخيانة السياسية. فمصر الكبيرة في نظر الجميع بتاريخها السياسي وقوتها العسكرية وثقلها الدولي لا يجوز أن تكون مواقفها السياسية والعسكرية تابعة ومنساقة خلف موقف لا تؤمن به ولا تراه من وجهة نظرها داعماً للأمن العربي.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف