المصريون
محمود سلطان
أفريقيا تتدخل عسكريًا لمواجهة "الانقلابيين"!
واقعة خطيرة، حدثت أمس وأول أمس (19 ـ 20/1/2017).. خطيرة في دلالتها ورمزيتها، ولا أدري كيف سيتم قراءتها؟ وتفسيرها: الواقعة تشهدها حاليًا دولة "جامبيا".. فمن المعروف، أن رئيسها الحالي "يحيى جامي"، وصل إلى السلطة عام 1994، بانقلاب عسكري. وفي الشهر الماضي، خسر "جامي" الانتخابات، أمام "آداما بارو".. غير أن الأول رفض قبول نتيجة الاقتراع، وطالب بإلغاء نتيجة التصويت بسبب خلل مزعوم في عملية التصويت. الرئيس الفائز في الانتخابات "بارو"، أدى اليمين الدستورية رئيسًا لـ"جامبيا"، في سفارة بلاده بالسنغال. زعماء عدة دول في غرب أفريقيا، هددت بالتدخل عسكريًا، لإزاحة الرئيس الخاسر "جامي" بالقوة؛ حال لم يسلم السلطة للرئيس المنتخب. منتصف ليل يوم أمس الأول، توغلت فعلًا قوة عسكرية سنغالية، في أراضي جامبيا، بعد انقضاء مدة حُددت له لتسليم السلطة.. فيما تستعد وحدات من الجيشين النيجيري والغاني للتدخل في جامبيا لحمله على التنحي. المدهش أن قائد الجيش في جامبيا، "عثمان بادجي"، قال: "إن قواته لن تقاتل القوات السنغالية إذا عبرت الحدود".. وأضاف: "لن نتورط عسكريًا، فهذا نزاع سياسي، وأنا لن أورط جنودي في قتال غبي، فأنا أحب رجالي". الأزمة أدت إلى لجوء 26 ألفًا من المواطنين الجامبيين على الأقل إلى السنغال؛ خوفًا من احتمال اندلاع أعمال عنف، بينما تتواصل عملية إجلاء السائحين البريطانيين والهولنديين وغيرهم جوًا من البلاد. المفاجأة التي تحتاج إلى تأمل، أن 15 عضوًا في مجلس الأمن الدولي، يدعمون التدخل العسكري للمجموعة الاقتصادية لغرب أفريقيا؛ لإجبار "جامع" على تسليم السلطة.. واستجابة لمسودة قرار تقدمت به السنغال إلى مجلس الأمن الدولي؛ تجيز لدول المجموعة الاقتصادية، لدول غرب أفريقيا "إكواس" استخدام "كافة التدابير الضرورية" لضمان انتقال السلطة في جامبيا. ما يحدث الآن في "جامبيا" منعطف تاريخي وخطير، ليس فقط كمؤشر على انحسار الانقلابات العسكرية في أفريقيا.. ووجود رأي عام رسمي بداخلها، لم يعد بوسعه التعايش مع الاستيلاء على السلطة بالقوة المسلحة.. وتدخل الجيوش في السياسة. دلالة ما تشهده "جامبيا".. يشرعن لمنطق التدخل العسكري الخارجي، للإطاحة بالأنظمة التي لا تقبل بنتائج صناديق الاقتراع.. والجديد أنه كان ـ وإلى عهد قريب ـ يقتصر التدخل العسكري الخارجي لتغيير الأنظمة على الدول التقليدية الكبرى.. ولكن أفريقيا تقرر مبدأ جديدًا.. وبمظلة أممية: أن للقوى الإقليمية الحق في التدخل عسكريًا لإنهاء الصراع على السلطة، حال فشلت القوى الوطنية المحلية على حلها. إنها رسالة خطيرة ومفزعة.. ولا ندري ما إذا كانت موقفًا عارضًا، أم يؤسس لقاعدة ولتقاليد جديدة في أفريقيا وفي العالم.

تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف