علاء عريبى
تيران بين «الأشعل» والوثائق الأمريكية
المعلومات التى صرح بها السفير عبدالله الأشعل، مساعد وزير الخارجية الأسبق، منذ يومين للصديق الإعلامى محمد الغيطى ببرنامجه «صح النوم» بقناة «ltc»، حول جزيرتى تيران وصنافير، على قدر كبير من الأهمية، قال بالحرف: إن الملك سلمان بن عبدالعزيز خادم الحرمين الشريفين، أكد فى حوار له مع صحيفة «نيويورك تايمز» أنه لا يعلم شيئًا عن جزيرتى تيران وصنافير، ولكن المصريين يردون الجميل، حسب قوله، وأضاف «الأشعل» أن «الملك سلمان لم يطلب من المصريين تسليم الجزيرتين»، وقال الأشعل أيضاً إن: «السفير السعودى بالقاهرة (أحمد القطان) أعلن فى أكثر من تصريح له ألا نلوم السعودية ولكن نلوم حكومتنا»، وأكد الأشعل فى نهاية مداخلته أن «الحكومة قامت بتوزيع الجزر المصرية كهدايا للدول العربية».
كلام «الأشعل» على حد ظنى فى غاية الخطورة، لأنه يؤكد أن الملك سلمان لا يعرف شيئاً عن الجزيرتين، وأن الرئيس السيسى أعطاهما له هدية بمناسبة وقوف المملكة مع مصر، وهذا الاتهام خطير ويحتاج منا إلى مراجعة، خاصة أن الوثائق التى أفرجت عنها المخابرات الأمريكية مؤخراً تتناقض مع تصريحات الأشعل.
فقد أفرجت المخابرات الأمريكية عن 12 مليون وثيقة، بينها وثيقة بعنوان «دعاوى السيادة فى خليج العقبة»، تم تحريرها فى 25 فبراير 1957، برقم: (CIA-RDP79-00979A0001001004-1)، تبدأ الوثيقة بملخص يفيد بأنه لا يوجد توثيق قانونى قاطع (حسب ترجمة وكالة سيوتنيك الروسية) فى تبعية جزيرتى تيران وصنافير، منذ سقوط الدولة العثمانية وحتى 1957، مع ترجيح أن يستمر الخلاف على السيادة إلى أن تبت به لجان التحكيم الدولية.
وذكرت الوثيقة تسلسلاً تاريخياً للأحداث، منها قيام القوات المصرية فى أواخر يناير 1950، بالنزول فى جزيرتى تيران وصنافير بعد أن طرح موضوع الجزيرتين على الكنيست الإسرائيلي.
وأشارت الوثيقة إلى أنه بتاريخ 7 مايو 1936 وقعت مصر والسعودية معاهدة صداقة فى القاهرة، تضمنت أن البلدين «سيناقشان المسائل ذات الاهتمام المشترك بما فى ذلك القضايا البحرية، فى أقرب وقت ممكن». ولم يظهر فى وثائق معهد الشئون الدولية البريطانى 1939 أن مثل تلك القضايا البحرية نوقشت.
وقالت الوثيقة إنه فى 26 فبراير 1950، بث راديو تل أبيب بياناً مصدره القاهرة، نشرته وكالة «يونايتد برس»، يفيد بأن تيران تقع ضمن المياه المصرية، فيما تتبع صنافير السعودية، وقالت إنه فى 28 يناير 1950، بعثت الخارجية المصرية رسالة للسفارة الأمريكية بالقاهرة، تؤكد فيها «أن مصر والسعودية تعتبران الجزر تابعة لهما».
نص الوثيقة الأمريكية هنا يناقض تماماً ما صرح به السفير الأشعل بعدم علم الملك سلمان بأمر الجزيرتين، حيث تؤكد الوثيقة وجود نزاع على تبعية الجزيرتين بين مصر والسعودية، ووجود مكاتبات متبادلة بين مصر والسعودية حول الجزيرتين، يعود أقدمها، حسب الوثيقة، إلى عام 1950، وهذا يتناقض مع ما صرح به الأشعل على لسان الملك سلمان، بأنه لا يعلم شيئاً عن الجزيرتين، وأن السيسى أو المصريين (حسب تعبيره) يردون الجميل.