الأخبار
يوسف القعيد
زمن جمال عبد الناصر
أسس غالي محمد، رئيس مجلس إدارة دار الهلال، ورئيس تحرير المصور، مركزاً للدراسات التاريخية. أصدر العديد من الأعمال المهمة التي لا بد من التوقف أمامها. لأن مشكلة مصر الراهنة أن أكثر الأعمال الجيدة التي تصدر، لا تلقي الاهتمام الكافي أو الاهتمام الذي تستحقه. سواء من النخبة أو الجماهير.
مؤخراً يحاول غالي محمد تأسيس بوابة إلكترونية لدار الهلال. ستحمل اسم الدار وستكون مهمتها خبرية بالدرجة الأولي. يتولاها الزميل الصحفي القديم محمد الحنفي. ودار الهلال التي دخلت تاريخ الصحافة من باب أنها تأسست وحملت اسم مجلة شهرية، ثم أصدرت العديد من المجلات الأسبوعية. بعضها استمر حتي الآن، وبعضها توقف. رغم أن المجلات التي توقفت تحمل بصمات مهمة في تطور صحافة المجلات في مصر. إن محاولة إعادة بعث دار الهلال التي يحاول القيام بها غالي محمد، تساعده كتيبة من الجنود المجهولين. الصحفية المخضرمة نجوان عبد اللطيف، والمجايل لغالي سليمان عبد العظيم. وآخر السلالة أحمد النجمي، نجل الناقد الفني والشاعر المرحوم كمال النجمي.
تبقي مشكلة الدار أنها لم تصدر صحيفة يومية. كانت هناك فكرة عند الاحتفال بمرور قرن علي تأسيس دار الهلال سنة 1992 أن تصدر جريدة يومية. وأن يكون اسمها: جريدة الهلال. لكن الموضوع تعثر ولم يخرج إلي النور لأسباب كثيرة، بعضها موضوعي والبعض الآخر شخصي. وأصبحت الدار كما هي مكتفية بنصيبها في إصدار المجلات الأسبوعية.
والمجلات الأسبوعية تقرأ أكثر من الجريدة اليومية. يحتفظ بها القارئ علي مدي أسبوع. ويقرؤها من الجلدة للجلدة. لكن مثل هذا القارئ لم يعد له وجود. ثم إن الصحافة الإلكترونية التي تعتمد علي الخبر بالدرجة الأولي سرقت منا قارئ المجلة الأسبوعية التي يتمعن في قراءتها علي مدي سبعة أيام وسبع ليالٍ.
مركز الدراسات التاريخية في دار الهلال يتولاه زميلان. عادلان من قدامي الزملاء بالمؤسسة. عادل عبد الصمد، وعادل سعد. وعادل عبد الصمد لا يكتب إلا ما يتأكد منه بشكل شخصي. يدقق ويوثق قبل أن يكتب. أما عادل سعد، الذي خطفه الفن مبكراً جاء إلينا عندما كان معنا عمه كمال سعد، يرحمه الله. وإن كان عادل ما زال يحافظ علي قواعده الصحفية. فقد خطفته الكتابة الروائية. وآخر رواياته: رمضان المسيحي.
من إصدارات المركز: جمال عبد الناصر: يوميات، رسائل، مقالات. أصدرته المؤسسة في الذكري الثالثة والستين لثورة يوليو 1952، أي أنه صدر منذ عامين. قمت بعمل حسبة لأعرف تاريخ صدوره، لأن الكتاب رغم أهميته غير مدون عليه تاريخ صدوره في صفحته الأولي ولا في صفحته الأخيرة. ويمكن التوصل لتاريخ الصدور عند البحث عن رقم الإيداع في دار الكتب.
في الكتاب بصمات الفنان محمد أبو طالب، زميلنا في دار الهلال. الذي يجيد عمله وكفي. لا يتحدث عما يقوم به. ولا يبحر في الكلام عما أنجزه. ربما لأنه يعتقد أن العمل، ثم العمل هو رسالة الفنان، بعيداً عن أي كلام. وأن الذين يتكلمون كثيرا، ربما كان فنهم أقل.
كتاب دار الهلال يقدم الذاكرة الوطنية المصرية، وفيه مقالات كتبها جمال عبد الناصر. خصيصاً لمجلة المصور، ابتداء من عام 1953، ومن المعروف أن جمال عبد الناصر دخل العمل السياسي من باب الأدب. فعلاوة علي قراءته الأدبية الواسعة التي بدأت مبكراً واستمرت بعد أن أصبح زعيماً لهذه الأمة. فإن الرجل حاول أن يكتب رواية: في سبيل الحرية. جعل منها الأستاذ محمد حسنين هيكل - يرحمه الله رحمة واسعة - مسابقة في مجلة آخر ساعة لاستكمالها. لأن ما كان قد كتبه جمال عبد الناصر كان مشروعاً لم يكمله. وقد تولي استكمال الرواية عدد من أدباء وكتاب ذلك الوقت.
كانت الكتابة هاجساً من هواجس جمال عبد الناصر. استمرت معه حتي لحظة عمره الأخيرة. ولم يكن مثل القادة والزعماء الآخرين الذي يقول ما يفكر فيه شفاهة لمن يتولي صياغته ويعرض عليه الصياغة بعد ان ينتهي منها. وهذا حدث مع كثير من الرؤساء الذين حاولوا احتراف مهنة الكتابة، علاوة علي قيامهم بمهام الرئاسة. ولا داعي لأن نجري وراء هذا الهاجس الذي يمكن أن يسرقنا مما نحن بصدده.
في هذا الكتاب رسائل من جمال عبد الناصر إلي والده أثناء وجوده في الكلية الحربية، ورسائل يطلب فيها من والده سرعة إرسال مصاريف الكلية. ثم رسائل أخري إلي زوجته وأصدقائه. وأيضاً رسائل حرب فلسطين وفيها يوميات هذه الحرب من وجهة نظر جمال عبد الناصر، ابتداء من 15 مايو 1948 حتي حصار الفالوجة الذي انتهي في فبراير سنة 1949، وهو الحصار الذي نبتت فيه فكرة الثورة في عقل جمال عبد الناصر وزملائه ورفاقه الذين كانوا معه في فلسطين.
بمركز الدراسات الذي تحقق، وبالبوابة التي هي تحت التأسيس يحاول غالي محمد ومعه مجموعة من قدامي الصحفيين في دار الهلال وشبابهم. أعادت بعث الدار في مواجهة متغيرات كثيرة تحاول أن تلتهم المجلة الأسبوعية. وأن تجعلها زائدة عن الحاجة، خصوصاً أن ما يصدر في مصر الآن من جرائد يومية لا يحصي ولا يعد.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف