جلال دويدار
وتسلم «ترامب» رئاسة أمريكا وسـط قلق وحـيرة العـــالـم..؟
تابع العالم بكل الاهتمام والقلق احتفال نقل السلطة الرئاسية في الولايات المتحدة الامريكية من »باراك اوباما» »الحزب الديمقراطي» الي »دونالد ترامب» »الحزب الجمهوري» شكلا والمُعترض عليه موضوعا من جانب بعض زعماء هذا الحزب. جري هذا الاحتفال وسط انقسام في المجتمع الامريكي المتعدد الاعراق واللون وهو ما عبرت عنه المظاهرات الصاخبة المعارضة والتي تخللتها الصدامات والمشاحنات مع رجال الشرطة.
رغم كل هذه المظاهر السلبية الا انها لم تعطل اتمام مراسم الاحتفال التي كان يشوبها الخوف من الاقدام علي اي عمل اجرامي يستهدف حياة الرئيس الجديد. تجنبا لاي مفاجآت ثم حشد عشرات الالاف من رجال الشرطة لتأمين هذا الاحتفال. جرت احداث هذا الاحتفال وفق التقاليد المعمول بها منذ القرن الـ١٨ بعد الحرب الاهلية وتوحد الشمال والجنوب الامريكي بحلف ترامب ونائبه اليمين الدستورية. جري ذلك وسط جمع من المدعوين. أشارت وسائل الاعلام الامريكية الي انه اقل مما حضروا احتفالات تنصيب الكثير من الرؤساء الذين وصل عددهم الي رقم ٤٥ رئيسا.
تسلم الرئيس الامريكي الجديد لسلطاته في دولة القطب الواحد.. يمثل بدء مرحلة جديدة دفعت دول العالم غربا وشرقا إلي ترقب خطواته السياسية المستقبلية. المحللون يعتقدون انه سوف يكون هناك اختلاف بين التوجهات التي اعلنها إبان حملته الانتخابية وبين ما سوف يتبناه من سياسات بعد توليه السلطة حيث سيكون للمؤسسات الدستورية والامنية دور في التأثير عليها. هذا لا يمنع بحكم السلطات الواسعة التي يتمتع الرئيس الامريكي لجوءه الي تغييرات ملموسة في السياسات الامريكية داخليا وخارجيا تستهدف.. تأكيد مصداقيته تجاه بعض ما أثاره في حملته الانتخابية. تأتي هذه التوقعات علي اساس ان التعامل مع هذه القضايا قد يكون سهلا عند التواجد خارج السلطة ولكن الامر يختلف تماما بعد ان يصبح ممارسا لهذه السلطة ومسئولياتها.
في معظم تصريحاته اتسم تركيزه علي القضايا الداخلية وهو ما كان عاملا مهما في وصوله الي الرئاسة في سباق الانتخابات الشرسة التي خاضها ضد هيلاري كلينتون. إنها تمثلت في »دغدغة» مشاعر الطبقات الكادحة رغم انتمائه الي طبقة المليارديرات الامريكيين. جاء ذلك من خلال حديثه عن خفض الضرائب وخلق المزيد من الوظائف والعمل علي النهوض بالقطاع الصناعي الانتاجي الامريكي الذي تراجع في السنوات الاخيرة لصالح الصين. حدد خطواته لتحقيق هذا الهدف في اصدار العديد من القرارات والقوانين الحمائية للصناعة الامريكية ووضع القيود التي تحد من الاستيراد لصالح الدول الاخري.
اما فيما يتعلق بالسياسات الخارجية فإنه ربطها ايضا بالمصالح الاقتصادية. في هذا الشأن وعلي سبيل المثال طالب بتقليص الاعباء المالية التي تتحملها بلاده في منظمة حلف الناتو وكذلك ما تتكبده من نفقات لتوفير الحماية للدول الحليفة والصديقة مطالبا هذه الدول بأن تتحمل جانبا من هذه الاعباء. أبرز ما اثار الاهتمام هو ما يتعلق بتحسين علاقاته مع روسيا والتعاون معها في مواجهة التطرف والتشدد الذي حرص ان يحدده بالاسلام المتشدد. كرر ذلك في خطابه الذي ألقاه في الاحتفال بتنصيبه. هذه الافكار والاراء كانت دافعا للربط بين هذا التوجه وبين امكانية المشاركة الايجابية في ايجاد حل سياسي للأزمة السورية تقوم علي أساس التصدي للقوي المسلحة الارهابية التي كانت تحصل علي دعم واشنطن والدول التي تسير في فلكها.
ما يهمنا في هذا الامر وفي اطار الحرب التي نخوضها ضد هذا الارهاب الذي زرعته جماعة الارهاب الاخواني في مصر.. ما يجري من حديث في ظل ادارة ترامب عن قيام الولايات المتحدة باعتبار هذه الجماعة كيانا ارهابيا. هذه الخطوة اذا تم الاقدام عليها ستأتي متمشية مع المشروع الذي قدمه السيناتو رالامريكي »كروز» في هذا الصدد الي الكونجرس. صدور مثل هذا القرار سيصاحبه وقف امريكا لرعايتها ودعمها لهذه الجماعة الذي كان قد وصل الي ذروته ابان حكم باراك اوباما وكانت مصر مسرحا لسوءاته. أهمية صدور هذا القرار انه سوف ينسحب بالتالي علي سياسات العديد من الدول الغربية الواقعة تحت التأثير الامريكي.
من المتوقع ان يكون لهذا التعامل الامريكي الجديد مع جماعة الارهاب الاخواني انعكاسات غاية في الاهمية. يأتي ذلك انطلاقا من المعلومات الأمنية التي تعتبرها البيئة الحاضنة لكل تنظيمات التطرف والتشدد التي تتخد من الاسلام علي غير الحقيقة غطاء وستارا لاعمالها الارهابية وهو ما لا يتفق مع تعاليم ومبادئ هذا الدين العظيم.
من ناحية أخري فإنه من الممكن أن يترتب علي أي موقف أمريكي في هذا الصدد تفعيل دور الأمم المتحدة في مواجهة الإرهاب. كان هذا الدور قد تعطل تماما نتيجة الرفض والتمييع الأمريكي لمشروع القرار الذي كانت قد تقدمت به مصر في التسعينيات إلي مجلس الأمن.
علي كل حال وأمام ما ينوء به العالم من مشاكل ومعاناة تعود اسبابه معظمها الي المواقف والسياسات الامريكية فانه ليس امامنا سوي ان ننتظر لنري ما سوف تتمخض عنها سياسات سيد البيت الابيض الجديد. وإن غدا لناظره قريب!!