الجمهورية
المستشار عمرو عبدالرازق
نحارب الإرهاب دون الاتفاق علي ملامحه
في البداية يجب أن أشير إلي ما كشفه الرئيس عبد الفتاح السيسي للمرة الأولي. عن حجم القوات التابعة للجيش المصري في شمال سيناء التي تواجه الإرهاب.. حيث أوضح أن حجم تلك القوات يبلغ 41 كتيبة. يقدر قوامها بـ 25 ألف فرد تواجه الجماعات الإرهابية هناك... كما تم ضبط أكثر من مليون كيلو جرام من المتفجرات خلال الثلاثة أشهر الأخيرة. فضلا عن الدعم الذي تتلقاه تلك الجماعات الإرهابية من دولا ومخابرات عربية وأجنبية.. وهذه المعلومات التي تقال لأول مرة تؤكد أن الجيش الذي يواجه الإرهاب في سيناء يماثل تقريبا جيش دولة متوسطة الحجم. وهو في الوقت نفسه يقود حربا فعلية بكل ما تحمله الكلمة من معاني في مواجهة هذا الإرهاب.
هذه البداية كان لا بد منها قبل أن نخوض في تعريف كلمة الإرهاب أو مفهوم الإرهاب الذي نواجهه حاليا ليس في مصر فقط ولكن علي مستوي العالم فلم يعد يقتصر الإرهاب علي جماعة معينة ولا أسلوب معين أو أن يستهدف الأمن باعتباره آداة القمع التي تمنعه من تحقيق غرضه. لكنه بدأ في اتخاذ أشكال مختلفة تماما.. فلم يعد القائم بالعملية الإرهابية من المنتمين للجماعات الدينية المتطرفة. وبات يستخدم وسائل غير متعارف عليها. لم يعد أحد في منآي عن هذا الإرهاب البغيض. ويمكن أن نرصد هنا الأحداث التي شهدتها فرنسا وألمانيا وإسرائيل منذ منتصف 2016. حيث كانت العمليات الإرهابية تتم بأسلوب الدهس من خلال شاحنات. وهذا لم يكن متعارف عليه علي الإطلاق. بالإضافة إلي أن المتورطين في تلك الجرائم غير مسجلين جنائيا في الدول التي وقعت فيها تلك الجرائم. علي الرغم من الاحتياطات والإجراءات الأمنية المتبعة في تلك الدول.
إذن نحن أمام منظور جديد وتطور نوعي لمفهوم الإرهاب يجب أن نضعه في الأذهان.. هذا المفهوم يتلخص في عبارة واحدة وهي أن الإرهاب أصبح فكرة قتالية مشمولة بغلاف من العقيدة تنتقل إلي الآخرين وتنتشر مستخدمة كل وسائل الاتصال.
هذه الفكرة يمكن أن نواجه تداعياتها بالأسلوب الأمني. ولكن هناك محور لا يجب إغفاله وهو العمل علي إعادة تصحيح الأفكار المغلوطة التي تؤدي إلي انتشار مثل تلك الأفكار ومواجهتها. وليست هذه مهمة مؤسسة أو جهة ولكنها يجب أن تكون سياسة دولة ومهمة جيل كامل إذا أراد أن يترك لمن خلفه آية تنجيه من دمار الإرهاب. أما الأمر الأكثر خطورة هو موقف صحيح الدين أو اذا صح التعبير الوسطية في الإسلام التي يمثلها مؤسسة الأزهر الشريف بكل أعمدته وأركانه من هذا الإرهاب . الذي وقف علي الحياد . فلا هو استطاع أن يكفره . ولا هو نجح في إقناع الشعب المصري بالإدانة منزوعة الدسم لتلك العمليات التي تزهق فيها أرواح الشعب.
أيضا لا يجب بأي شكل من الأشكال تبسيط تلك الحرب. أو تشبيهها الحروب السابقة التي خاضتها مصر أمام عدوها التقليدي إسرائيل. فصراع الجيوش في مواجهة الجيوش يختلف تماما عن صراع الجيوش في مواجهة جماعات إرهابية.. فهي حرب ذات طبيعة واستراتيجية مختلفة تماما.. تعتمد علي الاستنزاف.
لذلك كان الرئيس السيسي يري المشهد منذ البداية. وقام بإنشاء وحدات خاصة في الجيش المصري لمواجهة هذا الإرهاب الذي بدأت تتبلور ملامحه في أعقاب ثورة 30 يونيو.
هناك لاشك علاقة طردية بين التنمية والإرهاب. فكلما زادت معدلات الفقر كان هناك بيئة خصبة لنمو الإرهاب. ولكن هناك أيضا معامل التربية والقدوة داخل البيت وفي التعليم.وهذا الأمر يمكن من خلاله رسم خريطة الإرهاب في مصر تبعا لمستوي المعيشة والتنمية في كل منطقة.. ومثلا في سيناء وما يحدث في منطقة الشمال والوسط. وأيضا في بعض مناطق الصعيد والفيوم.. والمقصود أن تلك المناطق يمكن أن تمثل بيئة حاضنة للإرهاب.. وان تكون بؤرا يستخدمها الإرهاب.
ودعونا نقول أن النجاح الذي يحققه الجيش والشرطة في مواجهة الإرهاب. والإجراءات الأمنية التي حصرت الإرهاب في المنطقة الواقعة من رفح إلي العريش في مساحة لا تتدعي 250 كيلو مترا. هو الذي نقل الإحساس للجبهة الداخلية بالأمان والاستقرار. وهي جهود محمودة. كان من المفترض أن يقابلها جهود أخري علي مستويات متعددة حتي تكتمل الصورة. بمعني آخر وبصورة اكثر وضوحا فيمكن القول أن هناك تقصيرا إعلاميا ودينيا وتعليميا.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف