المصريون
محمود سلطان
أي "مصر" تلك التي تعملون من أجلها؟!
من البديهيات أن التسريبات التي يذيعها إعلاميون محسوبون على المؤسسة الأمنية، لا يمكن أن تكون بقرار "مهني" مستقل.. من البديهيات أنها ما كانت تذاع بهذه الجرأة والفجاجة، وفي تحدٍ صريح وفظ للقانون والعدالة.. إلا إذا كانت تحظى بـ"حصانة" من المُساءلة القانونية. ومن البديهيات أيضًا.. أن الذي يوفر لهم هذه المظلة وبطاقة الحصانة، يتمتع بنفوذ لا تستطيع أية مؤسسة مهما كانت منزلتها السيادية، أن تتصدى له أو تعصي له أمرًا. ومن البديهيات أيضًا.. أن جهات معينة معروفة، هي التي تملك أجهزة التصنت، وتسجيل مكالمات الناس.. والاحتفاظ بها في أرشيفها السري. ومن البديهيات كذلك.. أنه ليس بوسع الإعلامي أو الصحفي الحصول على هذه التسجيلات، إلا عن طريق التسلل إلى غرف الأرشيف السري لتلك الجهات، والسطو عليها أو عن طريق الاتفاق بين الإعلامي (الصحفي) الذي أذاع وبين الجهة التي تصنتت وسجلت! طريقان لا ثالث لهما.. ولما كان من المستحيل التسلل إلى الثكنات السيادية والاستيلاء على أرشيفها السري من التسجيلات.. فإنه لم يعد إلا احتمال واحد، هو أن التسليم والتسلم، تم بالتراضي بين الجهة التي سجلت والفضائية التي أذاعت. هذه البديهيات.. لا تحتاج إلى مشقة أو ذكاء خارق لإثباتها.. فهي حقيقة مثل شروق وغروب الشمس، حقيقة لا يتناطح عليها عنزتان كما يقول العرب. يتبجح إعلاميو التسريبات بالادعاء التهكمي حال سُئلوا عن مصادرهم: أحدهم قال إنها "العصفورة".. والثاني قال إن "فاعل خير" وضعها أمام عتبة بيته، ثم انصرف بدون أن يشعر به أحد! هذا الكلام لا يصدر إلا عن "كائنات" تعتقد بأنها تخاطب شعبًا من "بهاليل السيدة".. إنهم يتحدثون بتباهٍ مدهش، عن جريمتهم، وهم يتنقلون بين فضائيات الرذائل الإعلامية. عندما اتهم أحدهم زميله بفضائية أخرى، بالسطو على "تسريبات" كانت بحوزته، وأنه سبق إذاعتها على الفضائية التي كان يعمل بها، قبل أن يرتقي على سلم العبثية السياسية الفجة، ويمسي جزءًا من إحدى السلطات الثلاث.. تدخل المذيع ليهدئ من ثورته على زميله الذي اتهمه بـ"السرقة".. وقال له: سواء أنت أو هو الذي أذاع التسريبات فليس هذا مهمًا، لأننا نعمل من أجل مصر؟! أي مصر تلك التي تعملون من أجلها أيها النصابون؟! بعد أن أُحيلت بفضل "هبلكم" إلى "فرجة" و"أضحوكة".. وبعد أن "خربتوها" وعرفتم العالم، بأنها ليست دولة ولا شبه دولة، ولا يوجد فيها قانون.. وأي شخص معرض للاستباحة والتجسس عليه، وتجريسه ونشر مكالماته على الهواء.. حال اختلف مع أو غضب عليه الباب العالي.. ولن يجد أحد إلا قانون "سكسونيا" على رأي الفنان عادل إيمان. وعندما يعرف العالم، بأن التسريبات تذاع آناء الليل وأطراف النهار.. برضا من بيدهم تنفيذ القانون وتحقيق العدالة، وحماية المواطنين وصون أعراضهم.. عندما يعلم العالم ذلك.. فقل لي بالله.. كيف سيأتيك مستثمر واحد، ليضع بين أيدينا أمواله ويستأمنا عليها؟!

تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف