ما يقرب من عشرة مشاريع قوانين أمام مجلس النواب حول قوانين الإيجارات القديمة وندوات تليفزيونية يبكي فيها الملاك من الظلم الذي وقع عليهم ومحامون ورجال قانون يتحدثون بهمة ونشاط عن ضرورة تحرير العلاقة بين المالك والمستأجر وغياب الشفافية حول التركيز علي هذا القانون الآن ومحاولات للزج باسم الرئيس عبدالفتاح السيسي في هذا الأمر وانه اتخذ العديد من القرارات الصعبة وهذا القانون القديم ليس بالأصعب أمام القيادة السياسية وإذا كنا قد تحدثنا عن الخلل القائم بالفعل حيث ان طرد السكان وتحويل السكن من قضية اجتماعية إلي قضية اقتصادية ومكسب وخسارة قد يحول الشعب.. الشعب كله إلي مواطنين لا يستدل لهم علي عنوان.
القانون القديم في حاجة بالفعل إلي تعديل لا إلغاء والقيمة الإيجارية يجب رفعها بما لا يضر بالمالك ولا يخنق المستأجر وفي المقال السابق قسمنا الملاك إلي ثلاث فئات: ملاك الأربعينيات والخمسينيات كانوا باشاوات ذاك الزمان ورجال أعمال بالفعل وتجار معروفون بالاسم وكانت أسماؤهم تطلق علي عماراتهم وورثة هؤلاء الملاك هم المظلومون بالفعل حيث لا تتعدي إيجارات الشقق القديمة ستة أو سبعة جنيهات في الشهر. مبلغ يشتري به الآن ست بيضات أو خمس سجائر فرط. إيجارات هذه العقارات يجب ألا تقل عن مئات الجنيهات حيث ان أغلبها عيادات لكبار الأطباء وتحول بعضها من الأغراض السكنية إلي أغراض تجارية وصناعية. هؤلاء المظلومون هم الأولي بالرعاية في مشروعات القوانين المقدمة إلي مجلس النواب.
ونأتي للفئة الثانية. ملاك الستينيات والسبعينيات والذين خضعوا لعدة تخفيضات في القيمة الإيجارية حيث كانت هناك لجان تتبع كل محافظة لتحديد القيمة الإيجارية هؤلاء أخذوا حقهم وما يزيد ولكن يجب أيضاً رفع القيمة الإيجارية بما يناسب الغلاء والتضخم. هؤلاء البكاءون حددت القيمة الإيجارية حينذاك بأن يحصل المالك علي قيمة الأرض والإنشاءات بالإضافة إلي ربح يقدر بسبعة في المائة خلال اثنين وعشرين عاماً وقد حصلوا علي قيمة إيجارية كانت مرتفعة في ذلك الزمان وتم تخفيضها بعد ذلك بقرارات وزارية. أما ملاك الثمانينيات وحتي قانون الإيجار الجديد عام 1996. فهم لا ينتمون إلي طبقة رجال الأعمال أو التجار. بل أغلبهم جمع ثروة ما نتيجة "لتفتيح المخ" وسياسة السادات الانفتاحية حيث بني أغلبهم عقاراتهم من أموال السكان في شكل خلوات ضخمة أو ما ظهر في ذلك الحين تحت مسمي قرض حسن. الساكن يقرض المالك ثم يخصم القرض من القيمة الإيجارية مناصفة. هؤلاء أصبحوا أصحاب أملاك من دم السكان ومدخراتهم هذه النوعية هي الأشد فتكاً بالسكان والأكثر مطالبة بضرورة تحرير العلاقة الإيجارية وأغلب مشاكل السكان مع هذه الفئة وتشهد علي ذلك المحاكم التي تتسلم الإيجارات من المواطنين لرفض الملاك استلامها طمعاً في زيادتها أو اخراج السكان من الشقق بالطرق الملتوية والفتونة.
القانون الجديد يجب أن يعالج كل هذه المشاكل وتحرير العلاقة الإيجارية بشكل تام بما يسبب مشاكل اجتماعية لا حصر لها والإدعاء بأن قانون الإيجار القديم ليس له مثيل في العالم أجمع. أكذوبة كبري يحاول من خلالها بعض الملاك أن يتحولوا إلي أثرياء مرة أخري. مرة عندما أصبحوا أصحاب عقارات من مدخرات ودم السكان ومرة أخري عندما يضعون أيديهم علي الشقق مرة أخري لإعادة بيعها بمئات الألوف من الجنيهات.
وللحديث بقية.