بعد غد الأربعاء تمر ست سنوات على ثورة 25 يناير. فترة قصيرة. فركة كعب فى عمر الشعوب. كافية ليتوقف الإنسان ناظراً خلفه، سائلاً نفسه: من يذكر تلك الأيام؟! الذكريات كثيرة،، والمشاهد متداخلة. كأنها جرت بالأمس. التوقف أمام بعض الكتب الصادرة عن 25 يناير، أمر مهم. خصوصاً الكتب المبكرة الخارجة من فرن الحدث بطزاجتها وحضورها وحيويتها. فى كتاب: ثورة 25 يناير. قراءة أولية ورؤية مستقبلية. أصدره مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام. ويعد من المحاولات المبكرة لرصد ما جرى فى 25 يناير من وجهة نظر علم الاجتماع والرؤية السياسية. وتولى تحريره الدكتور عمرو هاشم ربيع. فى الكتاب دراسة عنوانها: شعارات ثورة 25 يناير، قراءة فى المغزى والدلالات. كتبها عادل عبد الصادق، باحث بالمركز.
سأكتفى ببعض الشعارات. شعارات تكنولوجية: ايه هى الثورة الإليكترونية؟ إنك تفرم الشعب المصرى علشان يعمل داون للسيستم القديم/ مبارك عفواً لقد نفد رصيدكم/ فيس بوك على كل ظالم/ ارحمنى شكراً/ إلى مبارك باى باى: موبايلات بقى/ أسبوع يا ريس ولا حتى تليفون.
شعارات متأثرة بأسماء أفلام ومسلسلات: لن أعيش فى ميدان التحرير/ من أطلق الرصاص على المتظاهرين؟/ ليالى التحرير/ حرمت يا ريس/ يوميات مندس/ ثائر و6 متظاهرات/ ومن البرامج: من قلب مظاهرة/ الميدان ميدانك/ التحرير النهاردة.
شعارات وحدة وطنية لا مبارك ولا حبيب الهلال مع الصليب/ يا محمد قول لحنا بكرة مصر حتبقى جنة/ لا دينية ولا طائفية عاوزين دولة مدنية/ يا محمد يا بولس يلا نعمل زى تونس/ حاولوا يفرقونا شيخنا جنب ابونا.
شعارات دينية: اللهم ارفع عنا البلاء والغلاء وأبو علاء/ لا إله إلا الله الفرعون عدو الله/ لا إنترنت ولا تليفون برضه البحر بلع مليون/ إسقاط النظام ومحاكمة فرعون وهامان/ ادخلوها بسلام آمنين/ حسبنا الله ونعم الوكيل ليس عن الرحيل بديل.
شعارات غنائية: أحلف بسماها وبترابها الحزب الواطى اللى خربها/ أحلف بسماها وبترابها أبو جمال هو اللى خربها/ حلو يا حلو مبارك شعبه خلعوا/ ذهب الليل وطلع الفجر والشعب اتحرر اتحرر/ مدد مدد شدى حيلك يا بلد/ شدى حيلك يا بلد مبارك ماشى للأبد والحرية حتتولد/ لو الغنى عايش فى مصر والفقير يتعصر عصر يبقى أكيد انت فى مصر/ دلع عينى دلع حسنى سابها وخلع/ ارحل يعنى امشى يللى ما بتفهمشى/ بما إن مصر هى أمى حل بقى عن أمى.
شعارات متأثرة بالتراث الشعبى: عايزين نكسر قلل/ لكل داء دواء يستطاب به إلا الحماقة قد أعيت من يداويها/ ده لو كان عفريت كان انصرف مع الاعتذار لإبليس/ إرحل قبل الصعايدة ما يجولك الليلة/ الدم مش ميه والكلمة مش ديه والمركبة فى النيل واحنا المراكبية احنا شباب العبور المصرى شباب 25 يناير/ إرحل بقى بدل ما أوز عليك حماتى/ قارئة الكف: قدامك سكة سفر/ هانت والهم حينزاح ويموت بالحسرة التمساح/ من كثرة دعا أمه عليه كره كل الناس فيه.
شعارات تاريخية: إرحل إرحل زى فاروق شعبنا منك بقى مخنوق/ خصخصوكى ورجعوكى للعصر المملوكى/ لو لم أكن مصرياً لوددت أن أكون مصرياً/ رسالة باللغة الهيروغلوفية: إرحل بالهيروغليفى يمكن تفهم يا فرعون/ إن مصر مقبرة الغزاة وأنا الشعب تارى بحرق الطغاة/ إن نقطة دم مصرية أثمن عندى من كل عروش الدنيا وسأرحل فوراً (الملك فاروق).
شعارات خفة الدم: رابطة نجارى مصر يسألون الأسطى مبارك: ما نوع الغراء الذى تستخدمه/ مبارك بعد ما مات قابل السادات وعبد الناصر سألوه ها: سم ولا منصة؟ رد عليهم بحرقة وقال: فيس بوك/ رسالة من تلميذ مصرى إلى أعزائى المتظاهرين بميدان التحرير: بخصوص الثورة اللى شغالة عندكم ما تنسوش انها حتدخل فى مادة التاريخ واحنا اللى بنحفظ فاختصروا من فضلكم/ إذا شعب يوم أراد الحياة فلا بد أن يستجيب البقر/ بن على يدعو مبارك إلى عدم تضييع الوقت واللحاق به فى عمرة المولد النبوى/ عاجل جداً: الجراح العالمى مجدى يعقوب يصل إلى مصر لعمل جراحة فصل التوأمين مبارك والكرسى/ مش حنمشى هو يمشى/ فى إطار محاكمة أحمد عز سألوه: من أين لك هذا؟ قال: هذا من فضل ربى. رد عليه الشيطان وقاله: أه يا ناكر الجميل/ عاجل عقد الريس جلسة مع وزير الداخلية السابق حبيب العادلى قاله منعت الحشيش يا فالح أهو الشعب فاق/ امشى بقى إيدى وجعتنى.
شعارات موقفية: أنا مندس أنا مندس عندى أجندة مستر إكس/ أعلن التليفزيون المصرى أن مبارك شارك فى غزوة أحد/ يا عمر سليمان أنا بطلت الأجندة وجبت كشكول سلك/ زهقت من كنتاكى عاوز لحمة/ هاتلى أجندة من الفجالة أعمل بيها ثورة فى مصر/ مش أحزاب ولا إخوان كل الشعب فى الميدان/ الإعلام المصرى لا يرى لا يسمع لكنه يتكلم/ حصرياً الكذب المصرى على التليفزيون المصرى.
شعارات متأثرة بتجربة تونس: يا مبارك يا مبارك السعودية فى انتظارك/ يا عزيزة قولى ليونس مصر حتبقى زى تونس/ يا مبارك يا مبارك الطيارة فى انتظارك/ آخر طلعة جوية لازم تكون على السعودية/ مصر حتقابل تونس فى النهائى/ إمتى حتقول فهمتكم/ الشعب يريد إسقاط النظام/ ثورة تونس ثورة حرة ومصر وراها دورها جاية.
هل لاحظت بساطة الإبداع الشعبى وسهولته واقترابه من روح الشعب المصرى العظيم والتعبير عنها بأبسط ما يمكن؟ هل لاحظت الطابع الجماهيرى للشعار؟ هل أدركت واقعية الشعار وتعبيره عن واقعية المطالب؟ هل توقفت أمام الطابع الإبداعى والفنى والقدرة على التعبير عن الوعى والإدراك والالتزام والجدية فى الأهداف والحشد العاطفى لكل الشعارات والدفاع عن التحدى والصمود؟ وتلك الطاقة غير العادية للتقدم والتفاؤل؟ أيضاً ذلك الانسجام غير العادى مع الشارع المصرى. وإدراك الشباب لقيمة الاستقلال ولمعنى رفض التبعية أو اتهامات العمالة للخارج.
سيبقى ذلك الحدث له ما له وعليه ما عليه الفريد نبعاً لكثير من الدراسات العلمية والإبداعات الأدبية والفنية. وربما الأعمال الروائية. والزمان بيننا