فيتو
أبو الفتوح قلقيلة
فليخسر المنتخب البطولة.. ذاك أفضل جدا
وماذا سيحدث حتى لو فاز المنتخب ببطولة أفريقيا لكرة القدم في الجابون! هل يستشعر المواطن المصرى المطحون أي تغيير إيجابى في حياته! هل ستنخفض أسعار الفول والعدس أو حتى لا مؤاخذة البيض، والذي صار وجبة ترفيهية غالية الثمن رغم أنها السلعة الوحيدة التي حققت مصر فيها اكتفاءً ذاتيًا.. نعم لدينا اكتفاء ذاتى من البيض ولكن لا أحد يستطيع الحصول عليه إلا بعد دفع الشىء الفلانى حسب وصف إحدى السيدات الغلابة التي عجزت عن شراء طبق منه بعد أن تضاعف سعره وسط الفرحة بهدف عبد الله السعيد في أوغندا، وأيضًا وسط سيل التسريبات الهاتفية التي يبثها إعلام علب الليل كل مساء لتشويه كل من ثار يومًا في يناير أو كل من فكر يومًا في معارضة نظام لا يستشعر خطرًا عليه، ربما كان معارضيه أرفق به منه على نفسه لأنهم يوجهونه نحو علله وأمراضه وهو في سبات عميق منتشي بما يروجه لهو الأفاقين من أوهام وأكاذيب.. نعم النظام في غفلة ولا يريد الانتباه لها وتلك هي الكارثة.

كان حسنى مبارك وزوجته في ستاد القاهرة يلوحان بأعلام مصر ويصفقان ويهللان لكل هدف في مباراة المنتخب في بطولة أمم أفريقيا 2006، بينما كان السمك يلتهم أجساد فقراء المصريين الغارقين في عرض البحر، وقتها كانت إنجازات مبارك ونظامه ودولته متمثلة في مباراة كرة قدم وتحديدا في هدف أحرزه لاعب يحصد الملايين في شعب لا يملك إلا ملاليم قليلة.. كانا يرقصان ويهللان عقب كل مباراة حتى حصلت مصر كل كأس البطولة وحصل مبارك على كأس العار والخيبة والفضيحة عندما احتفل وانتشى وغنى وصفق ورقص في مقصورة الاستاد على جثث شعبه المنتهك في عرض البحر وعلى اليابسة وفى كل بلاد الله لخلق الله!

بعدها بأربع سنوات فقط أطاحت ثورة يناير بمبارك وسقط من فوق عرشه ولم تنفعه بطولات أفريقيا المتتابعة التي حصدت مصر ألقابها في ست سنوات متتابعة.. الحرية أغلى من كرة القدم ونبلاء يناير كانوا يطلبون العزة والكرامة والحرية والإنسانية لشعب كانت معاناته وقتها أقل بكثير من الآن.. حتى أن الرئيس الحالى الذي أكد من ذى قبل أنه أتى ليرفق بالمصريين، عاد ليؤكد هذه الأيام حرصه على اتخاذ إجراءات لتخفيف المعاناة عن شعب يكابد الفقر والمرض حتى صار الغذاء والدواء له من الأمور المجهدة والمضنية يوميا !

كانت الظروف والأحوال المعيشية في يناير 2011 أفضل بكثير من الوقت الحالى ورغم ذلك ثار نبلاء يناير بالإنابة عن الشعب المأنتخ والذي شاهد الثورة سينما.. تلك حقيقة لا مهرب منها وتلك هي الكارثة أيضا لماذا ؟

الإجابة ببساطة هي أن من خرج طالبا الحرية والكرامة لغيره كان به بعض كثير من تعقل وتدبر للأمور، أما من سيخرج يوما قد يراه البعض بعيدا أو قريبا لن يكون لديه تعقل أو نبل وهو يطالب بالغذاء أو بأساسيات حياته، فعندما يكون عندك رئيس وزراء لا يعرف ثمن ساندوتش الفول الذي تعيش عليه الأغلبية الكاسحة من شعبه فتلك كارثة على النظام أولا قبل أن تكون على الشعب، وعندما يكون عندنا وزير زراعة وآخر للتموين ولا يدريان ماذا يفعلان في ارتفاع أسعار كل المواد الغذائية لدرجة محبطة ومهلكة للشعب فتلك طامة أخرى تنبئ بالكثير !

هؤلاء الوزراء في عزلة أو غيبوبة عما يدور في الأسواق وانعكاس ذلك على البيوت التي لن يعنيها كثيرا هدف يحرزه لاعب مليونير ويحصد مقابله ملايين جديدة من خزينة الدولة مقابل عجز هذه المواطن عن شراء بيضة أو كيلو عدس أو قليل من اللحوم المستوردة باهظة الثمن.. بالطبع اللحوم البلدية لا علاقة لها بأغلبية الشعب من وقت بعيد !

الأمور في غاية الوضوح والموقف الاقتصادى صعب للغاية وحرج جدا وفق ما استشعره أخيرا رئيس البرلمان المصرى.. يشكر الرجل على أي حال أن استشعر أخيرا أن هناك اقتصادا مصريا ومأزوما وحرجا كمان! لكن ماذا بعد، ماذا سيفعل هو والسادة النواب المحترمون؟ هل سيتنازلون عن بدلاتهم التي رفعوها بأنفسهم تقديرا لجهودهم في تقدم مصر ورفاهيتها الواضحة للعيان أم سيقومون بتشريع خاص لمكافآت نجوم المنتخب من المليونيرات لحصولهم على ثلاث نقاط فوز مباراة أوغندا، أم سيدعون الشعب لشد الحزام أكثر وتحمل الصعاب والقرارات الاقتصادية الأليمة!

يا أيتها الحكومة البائسة ويا أيها النظام المطمئن.. لن تنفعكم مباراة أو حتى بطولة لكرة القدم، لن تنفعكم تسريبات لنشطاء أو ساسة عاجزين عن التحالف في حزب واحد معارض، لن ينفعكم تلويث سمعة هؤلاء، فقط سينفعكم قليل من البيض والفول والعدس لشعب يئن.. استفيقوا يرحمكم الله.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف