محاربة الإرهاب فى شمال سيناء تتوقف فى المقام الأول على المعلومات، سواء التى تقدم من المخابرات أو أمن الدولة أو المباحث العامة، ونظن أن أخبار الحوادث الإرهابية التى تصلنا من شمال سيناء تؤكد الفقر المعلوماتى الخاص بهذه الأجهزة، وتؤكد أيضا الافتقار إلى وضع خطط تؤمن المواقع والمركبات والأفراد، والمتتبع للحوادث يكتشف تنوعها وتكرارها، بعضها تم تنفيذه عبر تفخيخ سيارات، وبعضها عبر القنص، وبعضها من خلال زرع متفجرات فى الطرق، والبعض جاء بهجوم مباشر على الكمائن أو المواقع بالآلى وبالهاون، والبعض الأخير اعتراض سيارات الأجرة وقتل الجنود.
والذى يعود إلى الأرشيف ويقوم بجمع أخبار الحوادث الإرهابية منذ بدايتها فى شمال سيناء، والتى بدأت بواقعة ضرب أولادنا المجندين خلال تناولهم وجبة الإفطار فى شهر رمضان الكريم منذ عدة سنوات، وحتى واقعة اعتراض سيارة أجرة أول امس على طريق الحسنة العريش، وفرز الركاب وإنزال خمسة مجندين كانوا فى إجازة، وقتلهم رميا بالرصاص على الطريق العام.
المتابع لهذا يتضح له بشكل جيد أن الإرهابيين يفكرون بشكل نمطي، وأنهم يكررون أساليب تنفيذ العمليات: تفخيخ السيارات، الاعتداء على الكمائن والمواقع بالهاون والآلي، زرع متفجرات فى طرق المركبات، قنص المجندين، اعتراض السيارات.
والمفترض أن تتعلم الأجهزة الأمنية من هذه النمطية، وتتوصل من خلال تكرار الوقائع إلى خطط تأمين، وإحباط للعمليات، لكن للأسف التكرار لا يعلم الشطار، والإرهابيين ينفذون جرائمهم بنفس السيناريو، وأولادنا فى الجيش والشرطة يقعون ضحايا ومصابين دون أن نتعلم أو نستفيد من الدماء التى سالت.
كثرة العمليات وتكرارها يعنى ضعف الأجهزة المعلوماتية، وتعثرها فى تحليل المعلومات أو جمعها، ويعنى كذلك عدم القدرة على استغلال المعدات المتاحة لقواتنا فى شمال سيناء بالشكل الأمثل، حيث أننا نمتلك المعدات والأسلحة الثقيلة والخفيفة والمتوسطة، ونمتلك أيضا الغطاء الجوى.
وقد سبق واقترحنا هنا بتقسيم مناطق العمليات إلى مربعات أمنية صغيرة ومتجاورة ومتداخلة، واقترحنا توزيع القوات على هذه المربعات، وربط بعضها ببعض بوسائل الاتصال السريعة لكى ينجدوا من يقع عليه الهجوم، واقترحنا تحويل الطائرات إلى أداة إغاثة، تقوم بالتحليق والإسراع إلى موقع الحادث بعد ثوان من بدء الهجوم الإرهابي، وتقوم الطائرات بتصوير الموقع وضرب الإرهابيين خلال تنفيذهم العملية أو عند هروبهم من موقع الحادث، واقترحنا كذلك بوضع كاميرات حساسة حول القرى والمزارع والمدن والطرق التى تقع فى مناطق العمليات لمراقبة الحركة ليلا ونهارا، واقترحنا أيضا سفارات إنذار واستغاثة تنطلق مع بدء الهجوم على الموقع، اقترحنا الكثير لكن يبدو أن جغرافية المنطقة أعقد من الأخذ بجميع ما يطرح من أفكار.