عباس الطرابيلى
عزيز صدقي.. نموذجاً للشباب
أتمني- أنا وكل المصريين- أن نجد وزراء عمرهم لا يزيد علي الثلاثين عاماً.. أقول ذلك ونحن نتحدث الآن عن تعديل وزاري.. وفي نفس الوقت تحل ذكري رحيل رائد من رواد الشباب تولي الوزارة وعمره 35 عاماً.. وزارة كانت أهم وزارة في مصر، في عهد «عبدالناصر»، هي وزارة الصناعة.. وأيضاً ونحن نحتفل بذكري ثورة 25 يناير التي قام بها الشباب، أكثر من غيرهم.
وأتمني- ومعي كل المصريين- أن نحول كلمات وأحلام الرئيس «السيسي» عن الشباب ومنحهم فرص الحكم والمشاركة في البناء.. وأرجو ألا يصدمني- أنا وكل المصريين اختيارات المهندس شريف إسماعيل بأن يأتي بمن هم فوق الستين! وأرجو ألا تتوقف فرص الشباب عند مجرد تعيينهم نواباً للوزراء.. لأن كبار السن من الوزراء لن يوفروا لهم الفرصة كاملة لكي يتعلموا.. ويثبتوا كفاءتهم.
<< وأمامي النموذج الذي يجب أن نكرره الآن، ولو بعد 60 عاماً من تجربتها أول مرة.. وأقصد بها تجربة الدكتور عزيز صدقي.
ذلك ان جمال عبدالناصر نفسه تولي مسئولية مصر كلها وعمره أيضاً 35 عاماً.. وبدأ تجربته باثنين من شباب أساتذة الجامعات.. أولهما الدكتور عزيز صدقي المولود في يوليو 1920 وحصل علي الدكتوراه من جامعة «هارفارد» الأمريكية عام 1950 واختاره وزيراً للصناعة في حكومة برئاسته في يونية 1956 وهي الوزارة التي رأي فيها «عبدالناصر» حلمه لبناء مصر الحديثة.. وجاء أيضاً- وفي نفس الوزارة- بالدكتور مصطفي خليل، وزيراً للمواصلات، لكي يتولي تحديث هذا القطاع، الذي يمكن أن ينقل مصر إلي العصر الحديث.. وكلا الشابين صعد السلم من بدايته.. إلي أن أصبح كل منهما رئيساً للوزراء ومن صُناع السياسة والتنمية طوال مسيرتهما.
<< وتلقف «عبدالناصر» أفكار عزيز صدقي.. وأطلق يده في تنفيذ حلم كل المصريين في «تصنيع مصر» وتولي إنشاء عشرات المصانع.. ليس في الدلتا وحدها بل في الصعيد أيضاً: صناعات خفيفة.. غزل ونسيج، ومعاصر زيوت ومحالج، بل أيضاً صناعات ثقيلة: حديد وصلب وفحم الكوك والسماد- في كيما أسوان- وبدايات صناعة متطورة لخزانات الضغط.. والبترول.. والصناعات الغذائية والهندسية من ثلاجات وسخانات وبوتاجازات.. بل وأجهزة تكييف.. وكنا جميعاً نفخر اننا نلبس من انتاج المحلة الكبري.. والأدوية.. وشهد قطاع التعدين الطفرة الكبيرة في عصره.
<< وبسبب نجاحات عزيز صدقي المتتالية أصبح نائباً لرئيس الوزراء في مارس 1964 وعاد وزيراً للصناعة في مارس 68 بعد الهزيمة تحت رئاسة «عبدالناصر» نفسه أيضاً وبسبب نجاحاته المتتالية أصبح نائباً لرئيس الوزراء للانتاج والتجارة بجانب وزارة الصناعة والبترول.. إلي أن كلفه الرئيس «السادات» بتشكيل الحكومة نفسها في يناير 1972 وهي الوزارة التي كان لها دورها الحيوي في اعداد الدولة للحرب عام 1973.
<< وعلي نفس الطريق كانت مسيرة الدكتور مصطفي خليل الذي كانت أولي مهامه هي كهربة خط سكة حديد حلوان، عندما اهتم «عبدالناصر» بتحويل هذا الخط إلي أكبر قلاع مصر الصناعية، المدنية والحربية.. اقتناعاً منه بأن النقل هو أهم وسائل نقل الحضارة إلي كل مكان.. وأكمل مسيرته بجانب الرئيس «السادات» مستشاراً سياسياً إلي أن كان داعماً له في العودة إلي التعددية الحزبية.. ثم أصبح رئيساً لحكومة مصر كلها يوم 5 أكتوبر 1978 ثم يونية 1979 بل كان ساعده الأيمن في هذا المشوار الطويل.
<< كل هذا يؤيد أفكار الرئيس «السيسي» لدعم الشباب وتوفير الفرص الكافية أمامهم.. وهو ما تجسد في مؤتمرهم الأول في مدينة شرم الشيخ ثم المؤتمر الشهري الذي عقد منذ أسابيع.
يا ليتنا نعطي الشباب الفرصة.. وأمامنا تجربة «عبدالناصر» مع «صدقي» و«خليل».