المصريون
محمود سلطان
الطلاق بقرار رئاسي!!
في الوقت الذي انتحر فيه سائق تاكسي في مدينة 15 مايو، بسبب عجزه عن سداد أقساط التاكسي.. فاجأ الرئيس عبد الفتاح السيسي، المصريين، بأنه بصدد وضع قانون؛ يقضي بعدم وقوع الطلاق الشفهي!! لم يستطع أحد، تفسير هذه المفاجأة، وما الذي حمل الرئيس على أن يترك مصائب البلد كلها والموت اليومي للمصريين تحت عجلات الفقر والجوع والمرض.. ثم يتحدث عن "الطلاق"! المفاجأة كانت صادمة؛ لأن الناس كانت تنتظر من السيسي، أن يحدثهم عن خططه لإنقاذ حياتهم المهددة بالموت جوعًا ومرضًا.. ليفاجأوا بالرئيس مشغولًا بحكاية الطلاق الشفهي!! وما الذي جعل السيسي، يتدخل في مسألة فقهية وشرعية؟!.. ومن النوع الذي قد يثير فتنة كبيرة في البلد.. وقد يفسر بأنه تقنين رسمي للزنا.. فالرجل سيظل يعاشر زوجته بعد أن طلقها، طالما أنه لم يوثق الطلاق عند المأذون. ولا يجد أحد، تفسيرًا لحرص رئاسة الجمهورية، على حشر نفسها في مسألة ليست من اختصاصها بالمرة.. وستحدث كما قلت انقسامًا عنيفًا وخشنًا بين الدولة وجمهور العلماء من جهة، وبين الدولة والمؤسسة العلمية الدينية من جهة أخرى.. وسيشعل الفتن والحرائق في كل بيوت مصر، وسيعطي مساحة لنمو القضاء العرفي الموازي للدولة.. فالطلاق ممارسة دينية، وليست ممارسة سياسية؛ ما سيجعل الناس تبحث عن بدائل من خارج المؤسسة الرسمية، لحل مشكلة قد توردهم مورد المهالك: ارتكاب كبيرة الزنا، حال مشوا وراء ما تدعوهم إليه مؤسسة الرئاسة! واللافت أن أقلية من مشايخ الـ"توك شو".. ومن الذين فتحت لهم طاقة القدر في قنوات "DMC" هم الذين يقودون هذه الحملة ويدعمونها، وهم ما بين شيخ "أفاق" وشيخ "فاسد"، يخالفون الإجماع ليس عن تنوير يستند إلى الأدلة، ولكن إلى دناءة نفس وتزلف إلى حامل الشيكات، والقابض على مفاتيح المن والسلوى. نأمل من الرئيس، أن ينشغل بدوره الدستوري، وإذا كان فعلًا يشغله ارتفاع نسبة الطلاق، فليعالج أسبابه الحقيقية: فالناس تنتحر كما أشرت في أول المقال، بسبب سياسات نظامه الاقتصادية، التي تدهس الفقراء تحت عجلاتها.. وكذلك فإن النسبة الأكبر لحالات الطلاق، أيضًا ترجع لذات السبب، وليس بسبب الطلاق الشفهي. إني لأربأ برئيس الجمهورية، أن يضع نفسه موضعا قد يتهمه بسببه خصومة بـ "إثارة الفتن".. لأنها فعلًا "فتنة دينية".. وليس بوسع أي مراقب إلا أن يؤطرها داخل إطار الأهداف "المغرضة".. والتي قد تفسر بأنها محاولة لإلهاء الناس عن مشاكلهم الحياتية اليومية التي تسحقهم بلا رحمة، فبدلًا من أن يشكو الناس من الغلاء وقسوة العيش.. دعهم ينشغلون بالطلاق!.. ويقطع العلماء في "هدوم" بعضهم البعض.. ويعلو صراخهم في الفضائيات.. وينقسم الناس بين مؤيد ومعارض.. ويعتقد أبونا الذي في القصر، أنه سينام بعدها قرير العين بلا إزعاج أو تهديد! أفهم أن من يقف وراء مثل هذه السيناريوهات أجهزة ومؤسسات من وراء جدار.. أما وقد قالها الرئيس بنفسه.. فهذه هي الصدمة وذروتها.

تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف