الأخبار
جلال دويدار
نريد وزراء أقوياء.. خبرة وعلم وأداء
من أهم مظاهر تدني الأداء الوزاري ما تتسم به شخصية بعض الوزراء من ضعف في ممارستهم لمسئولياتهم. هذه الفئة لا تعترف ولا تلتزم بمبدأ أن مسئولياتها ذات طابع سياسي في المقام الأول وهو الأمر الذي لابد أن يتسم الاضطلاع بها بالخبرة والعلم والحسم والجرأة في اتخاذ القرار ورسم السياسات. هذه المسئولية تفرض علي أي وزير أن يضع المصلحة العامة للوطن والمواطن فوق أي اعتبار آخر.
هذا السلوك من جانب بعض الوزراء والذي لا يؤدي إلي الإنجاز بالشكل المطلوب والمأمول.. سببه عدم القدرة علي الأداء السليم الذي يفيد صالح الوطن والمواطنين علي السواء. عائد كل هذا في النهاية ينعكس سلبا علي أوضاع الوطن بشكل عام فيما يتعرض له من مشاكل تعوق مسيرته نحو الانطلاق والتقدم. الإحساس بوطأة هذه السقطات في ممارسة المسئولية يكون أكثر وضوحاً في الوزارات الخدمية التي تتعامل مع كل الأطياف سواء كانوا مواطنين أو مستثمرين وهو ما لا يساهم في تحقيق النهضة التي نتطلع إليها.
الأداء السلبي لهؤلاء الوزراء المعنيين يتمثل في تقاعسهم ـ بالخوف والتردد والإرهاب ـ عن حسم الكثير من القضايا أو فض الاشتباكات المتعلقة بأعمال وزاراتهم.. أو الاستجابة للمتطلبات.. وهو ما يترتب عليه تعطيل الكثير من فرص التقدم وتحقيق رضا الرأي العام. هذا القصور في معظم الأحيان يعود إلي الموظفين بهذه الوزارات الذين يرتدون ثوب الدفاع بالكذب عن حقوق الدولة من خلال اللجوء الي التلويح بالفتاوي الجاهلة والمريبة التي لا تخدم الصالح العام وإنما تفتح الباب لممارسة كل أنواع الفساد.
بعض الوزراء الذين أعنيهم وللأسف ومن فرط ضعفهم يتركون مسئولية اتخاذ القرار في كثير من الأمور إلي لجان البيروقراطية التي يتحكم فيها هؤلاء الموظفون الذين يديرونها لحسابهم وحساب الجهل والتجاهل للمصلحة العامة. ليس من عائد وراء هذه الظاهرة سوي المزيد من التخلف والتراجع في تحقيق ما هو مستهدف بالإضافة إلي عدم إرضاء الناس. لتجنب هذه الأوضاع يتحتم أن تتم في عملية التعديل الوزاري مراعاة المواصفات والشروط السليمة عند اختيار الوزراء الجدد بدقة شديدة بعيداً عن الشللية والاستلطاف. التأكيد علي هذا التوجه سوف يكون عاملا مهما لجذب الكفاءات إلي القبول بالمنصب الوزاري. كما يجب علي الدولة من خلال مؤسساتها توفير الضمانات اللازمة لقيام الوزراء بواجباتهم ضد الاتهامات والبلاغات الكيدية.
أحد نماذج السلبيات في المنظومة الوزارية.. التي لابد من تجنبها يتجسد في أداء وزارة الإسكان التي تسيطر علي نشاطها اللجان التي تعتمد استراتيجيتها الخاصة بتسعير الأراضي وترفيقها.. علي أسلوب الجباية المصحوبة بالترويج للإجراءات الروتينية التي تفتح الباب أمام الفساد. ما لجأت إليه هذه الوزارة ولجانها من سياسات أدي إلي اشتعال أسعار الأراضي والعقارات إلي مستويات عالية أصبحت فوق طاقة المواطن المتوسط المتطلع إلي حياة مستقرة وكريمة.
بالطبع فإن أحداً لا يوافق بأي حال علي التفريط في أي حقوق مادية للدولة التي هي في النهاية من حقوق مواطنيها.. ولكن ليس بهذه النظرة الخاطئة الجشعة التي تغيب عنها صالح المواطن بسيرها علي خطي القطاع الخاص الساعي إلي التجاوز في التربح. كان من نتيجة هذه السياسات الدخول في منافسة مع هذا القطاع الخاص قائمة علي مبدأ »عليًّ وأنا عليًّ»‬ فيما يتعلق بأسعار الاراضي والعقارات ليكون الضحية المواطن في النهاية.
كلنا مع الدولة لاستثمار أصولها استثماراً مجديا سليما وصحيحا بشرط أن يكون منزها عن الجشع والاستغلال. لابد أن يكون مفهوما أن مضمون هذه السياسات يجري اتخاذها أساسا لسلوك القطاع الخاص المتربص بالمواطنين بالاضرار بهم بمزيد من الاستغلال والتجاوز.
الشيء المؤسف والجديد أنه بعد تحرير سعر الصرف جنح بعض المسئولين في وزارة الاسكان والتعمير إلي تبرير الزيادة في الاسعار خاصة بالنسبة للاراضي إلي الانخفاض في سعر الجنيه وارتفاع سعر الدولار. انهم بذلك يريدون ان يقولوا للناس ان العملة السائدة في مصر هي الدولار وهو ما يعني في نفس الوقت في عرفهم أن المواطنين المصريين يتقاضون أجورهم ومرتباتهم بالدولار!!. ما أقوله تشهد عليه تصريحات المسئولين في وزارة الاسكان والتعمير المنشورة في وسائل الاعلام. ان لجوءهم إلي زيادة الاسعار لم يقتصر علي مستلزمات الانتاج المستوردة وإنما شمل أراضي البناء الموجودة ضمن الارض المصرية التي قرروا تقييمها أيضا علي اساس سعر الدولار.. للمواطن المصري.
كان المفروض أن تكون وزارة الاسكان عنصر توازن للسيطرة علي أسعار الأراضي والعقارات علي نفس ما هو منوط بالمجمعات الاستهلاكية للحد من انفلات أسعار الاحتياجات المعيشية. انها وبهذا الاسلوب في الاداء تحولت إلي سمسار أراض وعقارات لا يهمه سوي تعظيم حجم الجباية دون النظر إلي فلسفة أهدافها وتأثيراتها علي الحياة العامة. كم اتمني ان تكثف الرقابة الادارية من متابعاتها ورقابتها للعمل في هذه الوزارة واجهزتها المركزية والمحلية من انشطة.. حيث ان المخالفات والانحرافات التي يتم ارتكابها تزيد من معاناة الجميع مواطنين ومستثمرين.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف