وفد حركة حماس يزور القاهرة برئاسة نائب رئيس الحركة إسماعيل هنية.. هذا في حد ذاته خبر جيد.. يسر الصديق ويحزن العدو.. فالطبيعي أن تكون حماس في القاهرة دوما.. وأن يكون هناك تواصل وحوار بين الأشقاء حتي ولو كانوا مختلفين.. وأن تكون لديهم الوسيلة والقدرة والإرادة لحل مشاكلهم عبر قنوات نظيفة وموثوق بها.. أما القطيعة والشقاق والتناحر فتلك أمور غير طبيعية بين الأشقاء.. لأنها تضعفهم جميعا.. وتفرق صفوفهم.. ومن ثم يجب ألا تستمر طويلا.
وقد حزن العدو فعلا لوجود حماس في القاهرة.. وغالبا لن يهدأ له بال حتي يفسد هذا التطور الايجابي.. ولهذا تعطي الصحف الإسرائيلية اهتماما كبيرا لمتابعة الزيارة.. والبحث عن أسبابها ونتائجها.. باعتبارها أرفع زيارة لمسئول بالحركة إلي القاهرة منذ عام 2013.
وتركز مصر عموما في مثل هذه اللقاءات علي ضرورة أن تقوم حماس بواجبها نحو ضبط الحدود المشتركة.. وتكثيف وجودها علي طول الشريط الحدودي ومنع عمليات تهريب الأسلحة وتسلل العناصر الإرهابية والتكفيرية من غزة إلي سيناء.. بينما تركز حماس علي أهمية فتح معبر رفح والسماح لغزة باستيراد السلع التجارية عبر هذا المعبر الذي يعد بوابة القطاع الرئيسية إلي العالم الخارجي.
ونقلت بعض صحفنا عن "مصادر مطلعة" أن جدول أعمال الزيارة تضمن عددا من النقاط الطموحة التي تتجاوز الخلاف التقليدي إلي التعاون المشترك.. مثل إنشاء منطقة تجارية حرة بين غزة ومصر.. وزيادة التبادل التجاري.. وتحسين العلاقات السياسية.. فضلا عن بحث تطورات القضية الفلسطينية ومجمل الأوضاع في قطاع غزة.
وذكرت المصادر المطلعة أن وفد حماس حرص علي تأكيد رغبته في تحسين العلاقات مع مصر.. وقد تطرقت المباحثات بالفعل إلي ملف المصالحة الداخلية مع حركة فتح.. وسبل التحرك المصري لعقد جلسات حوار وطني بين مختلف اطياف الشعب الفلسطيني.. إضافة إلي مناقشة تشكيل حكومة التوافق الوطني.. وبحث امكانية حل قضية معبر رفح البري بصورة منتظمة تسمح لأعداد العالقين الكبيرة في قطاع غزة بالسفر.
ان مجرد الحوار والتواصل مع الأشقاء مكسب كبير.. وخطوة جيدة علي الطريق الصحيح.. أملا في أن نصل إلي مرحلة تنتهي فيها الهواجس والشكوك والاتهامات.. فالوضع العربي المهترئ أدي إلي اضعاف كل الأطراف.. والصراعات الداخلية جعلت الغريب يطمع في بلادنا ويبحث له عن موضع قدم ليدعم مواقفه ومصالحه علي حساب مواقفنا ومصالحنا.
هناك من يعتبر حماس عدوا لمصر.. ويضعها في قائمة الأعداء قبل إسرائيل التي صارت تربطنا بها معاهدة سلام.. وأظن أن هذا تصور غير صحيح وطنيا وقوميا ودينيا - إسرائيل هي عدو الأمس واليوم والغد.. هي العدو الاستراتيجي.. وعدواتنا معها ليست مجرد "حاجز نفسي" كما كان يقول السادات.. لكنها عداوة وجود كما كان يقول عبد الناصر.. ومعاهدة السلام لن تجعل العدو صديقا.. كما لن تجعل الشقيق عدوا.
ورغم أن حماس أعلنت مرارا وتكرارا أنها لا تتدخل في الخلافات الحزبية أو السياسية الداخلية لأي دولة عربية وأولها مصر.. وليست لها اطماع في أراضي أي دولة عربية وأولها مصر.. إلا أن البعض منا مازال لديه شكوك في هذين الأمرين.. وقد يكون الحوار والتواصل مع حماس فرصة جيدة لقطع الشك باليقين.. والحصول علي تعهدات مكتوبة وموثقة في هذا الصدد.. وفي كل الأحوال مصر دولة كبري في اقليمها.. وتستطيع بكل سهولة أن ترد طمع الطامعين.. فلا خوف عليها من حماس أو غير حماس.