محمد فتحى
مصر التي نشجعها في الكرة.. والحرب
في الأسبوع الماضي كتبت عن مصر الدولة التي لا تتعلم من (لسع الشوربة)، فلا نراها تنفخ في الزبادي.. ضربت العديد من الأمثلة عن اشياء لا تعجبني ولا تعجب كثيرين. دعوت للاستعانة بالمخلصين من الكفاءات، وعدم خسارة هؤلاء المتمسكين بالأمل رغم كل شئ..
قبل أيام ألح عليّ السؤال التالي : هل نحن (الصح) وهم (الغلط) ؟؟
بمعني : هل كل ما يطرحه كاتب الرأي لابد أن يكون صحيحاً، بينما من ينتقدهم هم (الغلطانين ) دائماً ؟؟ بيني وبينك هذا السؤال الذي سألته لنفسي يصلح لأن تسأله مصر الدولة بمؤسساتها بدءاً من الرئاسة وحتي أصغر مسئول فيكي يا مصر : هل نحن (الصح)، ومن ينتقدنا هو (الغلط)، أو أنه لا يدري، أو أنه لا يعرف حجم العمل علي أرض الواقع، وكل ما نحفظه من عبارات سمعناها من العديد من المسئولين ؟
الحقيقة التي لا تقبل الجدل في إجابة هذا السؤال، هي أن الجميع لا يري سوي وجهة نظره، ولا يريد سوي إثباتها، ودحض وجهات النظر الأخري بدلاً من احتوائها. الحقيقة هي أننا فقدنا الصلة والتواصل، فأصبحنا جميعاً، ولا أستثني أحداً، نعيش في جزر منعزلة، لا يسمع جميعنا سوي الصوت الذي يحبه ويعتبر الأصوات الأخري أنكر الأصوات. الحقيقة هي أننا فقدنا قدرتنا علي الوقوف في أرضية مشتركة تتسسع للجميع، لتستمر معارك التصنيف والتخوين والتخويف والبلطجة الفكرية، من الجميع، وتستمر محاولات الإقصاء من أقصاها إلي أقصاها..
تعالي اما اقولك :
مؤتمر الشباب الشهري رائع، وعود تنفذ وتواصل مهم، لكن الشباب الغاضبين لا يرون سوي أنفسهم، والدولة لا تعتبر الشباب الغاضبين شباباً يستحقون الاحتواء، فيتعاملون مع المنتقدين بوصفهم ( متغاظين) من عدم الحضور.. بالمناسبة : أين الدفعة الثانية من العفو الرئاسي التي تأخرت كثيراً ؟؟
المؤيدون للدولة، وللنظام القائم، لا يرون أخطاء تذكر، ويصل الأمر لدرجة تمريرهم لشاعات حقيقية لدعم الدولة دون تيقن أحياناً ومع سبق الإصرار والترصد أحياناً أخري، مع ما لذ وطاب من تخوين أصحاب الأصوات الأخري، وفي نفس الوقت فالمعارضين لا يرون أي شئ إيجابي، ويستخدمون نفس السلاح الذين انكوي منه أغلبهم : التخوين والتصنيف، وهكذا أصبح وجودك في الحالة المتطرفة نعمة لأنك تعرف معسكرك وتعرف خصمك، أما لو قررت أن تصبح موضوعياً فإن الجميع سيكونون ضدك ويعتبرونك (ماسك العصاية من النص) جلد الذات يستخدمه الجميع.. مع غيرهم !!
يتحدث الإعلام عن تجاوزات الإعلام الخارجي الموجه، وفي نفس الوقت لا يضرب أي مثل في المهنية، بل أصبح الإعلام عبارة عن تنويعة لصوت واحد !!
النتيجة المؤسفة هي أن كل منا يري مصر علي طريقته، فريق يراها في عز وقادمة وستنهض، ناهيك عمن يراها الآن دولة متقدمة مقارنة بما كان، وفريق يراها أسوأ دول العالم، وفي خراب مقيم، والغريب، أن الجميع لا يشجع مصر إلا في خطرين.. خطر فريق كبير نواجهه في كأس الأمم، ويوحد صفوف الناس لتجده فجأة يجب هذا البلد ويردد الأغاني الوطنية بعد الفوز، وخطر تعرض مصر لحرب أو مصيبة لاقدر الله، وساعتها تسمع وتقرأ أحلي كلام، وللأسف دون أفعال..
مصر التي نريدها ونحلم بها تحتوي الجميع، ويحبها الجميع في الرخاء والشدة بنفس الطريقة والدرجة، ولا تعيبها عثراتها، ولا أحلامها، مثلما لا ينتقص منها انتقاد يحلم لها بأن تكون الأفضل..
مصر تحتاج لتشجيع بعيداً عن مباريات كرة القدم والحروب، لكن المهم، أن تدرك مصر الدولة أن المنتقدين المخلصين شعارهم : أدعي علي بلدي واكره اللي يقول آمين.. لا لشئ، إلا لأنهم يريدونها بلد الجميع..
شجعوا مصر دائماً، وان شاء الله - رغم كل شئ - مصر هتكسب