الأهرام
أشرف محمود
فتنة أبوتريكة !
مابين الحين والآخر ينشغل الرأي العام في مصر بقضية ما، تجذب اهتمام العديد من المواطنين ، لكن كل قضية من هذه النوعية تأخذ وقتها ثم سرعان ما تطفئ نارها وتدخل دائرة النسيان ، وإذا ما أراد كل منا أن يدلل على هذا الأمر لوجد العديد من القضايا التي تظهر وتستعر نارها حتى يظن البعض أنها ستقضي على الأخضر واليابس ، لكنها تلحق بسابقاتها حتى ادمنا التعامل مع هذه القضايا التي لاتنتهي ، ومع تكرارها لم يتوقف المسئولون عنها عند آثارها السلبية التي تنشأ مع محاولات الكثيرين ارتداء ثوب الخبير أو المحلل أو العارف ببواطن الأمور ، لتتعدد الآراء التي تجاوزت الحقيقة التي تظل بدورها في بطن الشاعر الذي هو متخذ القرار ، والذي يبدو أن سعادته تكتمل بعد اتخاذه القرار برؤية الناس يضربون اخماسا في أسداس ، آخر تلك القضايا التي حظيت باهتمام كبير ، وباتت حديث البيوت والمقاهي ومواقع التواصل الاجتماعي ، لتبقى القضية معلقة وحولها انقسام ،وهو ماتكرر فيما تعلق بوضع اسم محمد أبو تريكة لاعب الأهلي والمنتخب الوطني لكرة القدم المعتزل حديثا على قوائم الإرهاب ، حيث وقع هذا الخبر كالصاعقة على الشارع المصري وفي القلب منه الشارع الرياضي ، الذي ارتبط باللاعب صاحب الألقاب العديدة التي خصه بها الجمهور الذي أحب آداءه وأهدافه ، فلقبه بالساحر وأمير القلوب وصانع الفرحة إلى غيرها من الألقاب التي تطلق على اللاعبين السوبر وكان ابوتريكة واحدا منهم وأبرز لاعبي جيله الذي صنع إنجازات عديدة لمصر في العشرية الأخيرة ، لكن القرار الذي ربط اسمه بالإرهاب ، تسبب في حالة انقسام كبير ، مابين عشاقه الذين يرونه نموذجا للأخلاق والأدب الجم مدللين على ذلك بحسن السيرة والسمعة في المجال الرياضي حيث لم يتورط في تصرف مشين مثل كثيرين من مشاهير اللعبة ، غير أن الأمر الغريب تمثل في وقوف عدد من الرياضيين إلى جانب اللاعب رغم خلافهم الفكري معه مثل أحمد حسام ميدو الذي انتقد تريكة غير مرة من قبل ، لكنه غرد مدافعا عنه وان احتفظ لنفسه بحق الرجوع عن دفاعه في حال ثبت له ارتكاب أبو تريكة لما يهدد أمن الوطن ، وطالب بكشف الحقيقة بالبراهين، وهنا بيت القصيد من وجهة نظري المتواضعة ، إذ كنت أتمنى لو أن القرار الاتهامي لأبو تريكة جاء مقرونا بحيثيات معلنة تحول دون حالة اللغط التي أعقبته من ردود أفعال متباينة ومتطرفة من الاتجاهين المدافع عنه والمعادي له ، إذ كان يجب تقدير الموقف بالصورة التي تمنع وقوع اللغط ، فمجتمعنا في أمس الحاجة للاستقرار بكل صوره ، فالأمن المجتمعي لايقل أهمية عن الأمن العام ومواجهة البلبلة واللغط يجب أن تحظى بالاهتمام المطلوب مثل مواجهة الإرهاب ، فنشر الفتن وبث الشائعات يهدد تماسك المجتمع ، من هنا فإن المطلوب الآن وضع النقاط فوق الحروف وعدم ترك أي فرصة ينفذ منها إخوان الشيطان لتعكير صفو المجتمع ، وذلك بإظهار الحقائق وتقديم البراهين والأدلة لكل مايصدر عن الدولة ، لأن المشككين في قراراتها والمعادين لها ليسوا قلة ، كما أنهم لايمثلون فصيلا واحدا ، وكثيرون منهم يدعون أنهم مهمومون بالوطن وقضاياه أكثر من الحكومة ومؤسسات الدولة ، فإذا ما كانت القرارات مقرونة بالحيثيات القاطعة والبراهين الساطعة لن يجد المزايدون او المدافعون والمتعاطفون دون علم أو دراية ، أي فرصة للنيل من القرارات وتوجيه الاتهامات للحكومة عن جهل ، غير أن الملفت للنظر أن ابوتريكة نفسه لم ينبث ببنت شفة منذ ادلى بحوار ه الوحيد لـ الاهرام والذي انفرد به الزميل علاء عزت ، فور صدور قرار التحفظ على امواله ، وهو الحوار الذي كشف فيه ابوتريكة عن تفاصيل شراكته وعن بعض من كواليس عملها ، وكان للحوار صدى واسع واستقبلته وسائل الإعلام بالاهتمام اللازم ، وأفردت له مساحات نشر في الصحف والمواقع وعرض على الشاشات ، حيث نقلت عن الأهرام ماقاله ابوتريكة لاول مرة عن موقفه المالي وعلاقته بشركة السياحة التي تسببت له في مشكلات كثيرة ، اخطرها اقتران اسمه بالجماعة الارهابية ، وان كان يحسب لابوتريكة الذي يعرف عنه انه يعشق الصمت الى حد تلقيبه بأبي الهول ، لم يوكل أحدا من محاميه لإصدار بيان عنه ، كما لم يسمح لأحد من المحيطين به بالتعليق على القضية ، وكل ماصدر عن محاميه كان التأكيد على احترام موكله للقضاء ، وانه ينتظر تسلم صورة القرار ليبدأ معها المشوار القانوني كما حدث في قضيته الأولى عند وضع أمواله تحت الحراسة وهو ما انتهى إلى براءته ورفع الحظر عنه ، وأن موكله الموجود في الخارج الآن لتحليل مباريات كأس الأمم الأفريقية سيعود للوطن فور انتهاء البطولة لأنه يثق في قراءته ، ولأن الكلمة النهائية في هذه القضية لم تنطق بعد ، فهل نلزم جميعا الصمت وننتظر إسدال الستار والاهم هل نعي في اعلامنا ومجتمعنا وحتى في تغريداتنا أن العبرة بالخواتيم ، وان احكام القضاء لاتصبح نهائية الا باستنفاد درجات التقاضي ، وهل تكون فتنة قضية ابوتريكة هي آخر القضايا الشائكة التي ننتظر القول الفصل فيها ، وصدور حيثيات تحسم أمر صاحبها اما بالإدانة أو البراءة.

تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف