الأهرام
سكينة فؤاد
25 يناير.. ثورة شعب عظيم
أعود بمناسبة احتفال مصر الأربعاء الماضي بالذكري السادسة لثورة 25 يناير، لأؤكد ما أكدته مرارا أنه علي من يقولون إن ما فعله المصريون في هذا التاريخ لم تكن ثورة وغضبة عظيمة لشعب أن يثبتوا أن مصر قبل 25 يناير لم تعرف الفساد والإفساد والاستبداد وسيطرة أسرة حاكمة تريد أن تورث حكم مصر لأحد أبنائها، وتحمي صعود وفساد أوليائها ورعاتها من قوي مالية توحشت وتربحت وتضخمت علي حساب ملايين من الشعب تزداد فقرا واحتياجا واهدارا لآدميتها وكرامتها وحقوقها الأصيلة والمبدئية في الحياة.

أيضا علي من ينكرون علي المصريين ثورتهم أن يثبتوا أن المصريين شعب بلا كرامة وأنه مهما أهين وأهدرت حقوقه لا يثور ولا يغضب وأنه لا تنفد أرصدة صبره أبدا ولا يستطيع أن ينتفض دفاعا عن كرامته وحقوقه في وطنه. نعم هناك من استغلوا الثورة وركبوا موجتها وسعوا لإحداث فوضي واضطرابات تساعدهم علي تحقيق مخططاتهم وأطماعهم السياسية، وكما توالي تكشفه بعد ذلك عن جماعة الإخوان التي اندس بعض أعضائها بين صفوف حركات المقاومة التي سبقت 25 يناير.. ثم ما توالي سقوط الأقنعة عنه وصولا لعلانية الاستيلاء علي الحكم والتحالفات التي قامت بينهم وبين المخططات الأمريكية والصهيونية لتنفيذ العنف الخلاق ومحاولة إلحاق مصر بإسقاط الدول الوطنية في العراق وسوريا وليبيا وتنفيذ الخرائط التي رسمت لإعادة ترسيم حدود جميع دول المنطقة بدماء أبنائها بعد تقسيمها طائفيا وعنصريا وعرقيا لتيسير سيطرة العدو الصهيوني.. ومعروف أنهم أطلقوا علي إسقاط مصر «الجائزة الكبري» ـ أذكر أننا نتحدث عن أحداث عمرها لا يتجاوز سنوات ـ وليس عن أحداث في عمق ومجاهل التاريخ، فهل نسينا ما شاهدناه وعشناه وعانيناه وعانته الملايين من الشعب المصري وكيف تحولت إرادة ملايين المصريين وخروجهم في 30/6 و3/7 لاسترداد ثورتهم من جماعة الإخوان ـ وكيف تحولت هذه الإرادة الشعبية الجارفة التي دعمها وحماها جيشهم الوطني ـ وتحول إلي الكارثة الكبري التى بالمخطط الأمريكي والصهيوني وبأدواتهم وجماعتهم الإرهابية التي زرعت بالمنطقة وعلي رأسها جماعة الإخوان التي رغم ما أدرت من دماء وادارت من مخططات إرهابية لم يتوقف دعم إدارة أوباما وكلينتون لها، هذه الإدارة التي ظلت تري فيما حدث في 30/6 وما تجلي فيها من نفاذ إرادة عشرات الملايين من المصريين خروجا علي الشرعية أو علي الجماعة التي كانت الضامن الوحيد لاستكمال مخططهم!! ألم يكن ما حدث في 25 يناير هو الطريق إلي 30 يونيو، ألم تكن ثورة 25 يناير قبل محاولات سرقتها والاستيلاء عليها وما ترتب من محاولات لإثارة الفوضي وجرائم إرهابية واهدار لدماء المصريين ثورة أبهرت الدنيا وكادت تصبح مثالا يحتذي وتقلده الشعوب؟!

لا أعرف مدي صحة المعلومات التي تنسب إلي وثائق ويكيلكس وقد لفتني في تحقيق نشرته صحيفة الصباح ـ الحلقة الأولي منه في 23 يناير 2017 من ترجمة واعداد محمد محمود فوزي عن أكثر من 30 ألف رسالة أرسلت من وإلي الحساب الإلكتروني لهيلاري كلينتون عندما كانت وزيرة لخارجية الولايات المتحدة من يونيو 2011 إلي أغسطس 2014 وتشمل 50547 صفحة ـ وتضم ما يشير إلى أن ثورة 25 يناير لا تمت بصلة للمؤامرة ـ وأن النظام المصري فوجئ بها كما فوجئت بها الإدارة الامريكية، وفوجئ بها العالم كله، وأشاد بعظمتها وعظمة صناعها الحقيقيين الذين خرجوا ليس طمعا في منصب أو مساومة لأجل سلطان ولكن فقط كانت حناجرهم تنطلق بما في قلوبهم وهي تهتف عيش، حرية، عدالة اجتماعية، كرامة إنسانية.وأكدت هذا أو لم تؤكده وثائق ويكيليكس ـ أو غيرها ـ فالشهادات الحيه للواقع المصري عما كانت عليه أحوال جموع وملايين المصريين الأكثر صبرا واحتمالا وتضحية والتي كانت تؤكد كل يوم نفاد أرصدة صبره وأصبح يقينا لدي أنه بقدر الظلم الذي ينسحق تحته يحتشد لحدث عظيم قادم ـ مازلت أذكر مسودة قصة قصيرة كتبتها عن انسداد الأفق بدعوات الملايين من المظلومين التي تعلقت بين السماء والأرض في انتظار النفاذ وتناولت مقالاتي ومشاركاتي في برامج تليفزيونية هذا الواقع المستحيل.. وكانت الشرارة يوم عيد الشرطة الذي كان رمزا للبطولة والمقاومة التي قام بها عدد من جنود وضباط قسم شرطة الاسماعيلية ورفضهم الاستسلام أو تسليم أسلحتهم المتواضعة لتهديدات ومحاصرة آلاف جنود وضباط المحتل الانجليزي الذين حاصروهم بالأسلحة والدبابات والمجنزرات ونتج عن المعركة 64 شهيدا من الجانب المصري وجرح 200 وأسر 100 ـ كانت معركة باسلة للشرطة المصرية دفاعا عن كرامة بلدهم وشعبهم وانطلقت شرارات الغضب في 25 يناير 2011 بعد أن حول النظام الأسبق شرطة الشعب إلي أداة قمع له وإهدار لكرامته.ومن أعلي درجات سلم دار القضاء العالي المواجهة لمستشفي الجلاء بالاسعاف شاهدت بنفسي الجموع الهادرة من جميع أطياف الشعب تتدفق كسيل بشري وتتلاقي وتتجمع وتتجه إلي ميدان التحرير لتبدأ لحظات المخاض والميلاد لثورة 25 يناير بكل متتاليات الانتصار والانكسار والاضطراب والاختطاف وصولا إلي الخروج العظيم مرة ثانية في 30/6 ليكلل الله بالانتصار معجزة إسقاط جماعة أعدت ميليشياتها المسلحة وخططت لتفكيك مؤسسات الدولة لتتمكن من السيطرة عليها بعد أن تكون قد دست كوادرها المعلنه والخفية في جميع مفاصل الدولة... جاءوا كما قالوا ليحكموا 500 عام فأسقطهم هذا الشعب العظيم بدعم من جيشه الوطني بعد عام واحد!

> وكما أسقط المصريون استبداد وفساد وإفساد ما كان قبل 25 يناير ويحاولون التخلص من آثار العام الكارثي لحكم الإخوان وعملهم كأدوات للمخطط الاستعماري الأمريكي والصهيوني أثق من خلال معرفة عميقة بالمصريين وبتاريخهم أنهم سيواصلون التحرر من آثار ما عاشوه وعانوه بمزيد من تصحيح المسارات ودعم الحريات المسئولة وحق الاختلاف والنقد والتقويم واحترام جميع مؤسسات الدولة للشعب ـ صاحب وصانع الثورة وإعمال ما جاء في الدستور من سيادة للقانون بلا تمييز واستدعاء جميع وسائل فرد مظلة العدالة الاجتماعية فوق الملايين الذين خرجوا ينادون علي العيش والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف