الوفد
علاء عريبى
جامعة الدول ودستور سوريا
كنت أظن أن جامعة الدول العربية سوف يكون لها دور في كتابة الدستور
السوري، يشكل لجنة برئاسة الأمين العام، وتجلس مع الأطراف المتنازعة، تستمع وتسجل اقتراحاتهم، وقبل أن تنظر في المقترحات أو المسودات التي تتقدم بها الأطراف المتنازعة، تقترح اللجنة بعض المواد الأساسية، مثل: تسمية الدولة، لغتها الرسمية، ديانتها، حدودها، نظام اقتصادها، حقوق المواطنين فى: التعبير، والاعتقاد، وممارسة الشعائر، وإقامة دور العبادة، والتعليم المجانى، والعلاج، والتنقل، والتملك، والعمل، ومحاكمة عادلة، وحياة آدمية كريمة، والمشاركة السياسية.
بعد أن تنتهي من وضع المواد الخاصة بالحقوق والواجبات تنظر في اقتراحات ومسودات الأطراف المتنازعة، وتقوم اللجنة بوضع أولويات لأبواب الدستور: نظام الحكم، ثم السلطة التشريعية، والتنفيذية، والقضائية، وتضع مسودة فى كل باب تجمع فيها بقدر المتاح والظروف السياسية والثقافية والبيئية والجغرافية والاقتصادية بين رؤى الأطراف المتنازعة، وتجلس مع كل طرف وتستمع لرأيه إلى أن تصل إلى صياغة مجمع عليها لبعض المواد.
ظننت أن جامعة الدول العربية، التى تخلت عن الشعب العراقى، وتركته لبول بريمر يكتب دستورها عام 2005، سوف تصر على المشاركة فى الاجتماعات التى تنظمها روسيا وتركيا وإيران للأطراف المتنازعة فى سوريا، وظننت كذلك أنها لن تترك الشعب السورى لسرجى رافروف وزير الخارجية الروسى يكتب دستورهم، صحيح أن الحجم الأكبر من المسئولية يقع على الحكام العرب، وصحيح أنه كان على الحكام التدخل والدفع بجامعة الدول لكى تشرف على كتابة الدستور السورى، لكن للأسف غابت وتغابت جامعة الدول العربية مثل الأنظمة تماما، وتركت الساحة لروسيا وإيران وتركيا لكى يحددوا مصير شعبنا العربي فى سوريا، ليس هذا فحسب بل أيضا غابت وتغابت عن المشاركة فى كتابة الدستور السوري.
وقد أعلن رافروف الأسبوع الماضي عن مسودة روسية لمشروع الدستور السوري، وقام بتوزيعها على الأطراف المتنازعة التي شاركت فى اجتماع أستانا الأسبوع الماضي، والمتوقع تجرى تعديلات بسيطة من قبل الأطراف على المسودة، والمتابع للمشهد جيدا فى سوريا يعلم أن نظام بشار فى أسوأ حالاته، ولا يمتلك قرار الرفض، وكذلك الأطراف التى قبلت الجلوس على مائدة المفاوضات، حيث أن الجميع يقع تحت ضغوط سياسية وعسكرية واقتصادية وأمنية، بل يمكن لنا القول بدون حرج أن جميع الأطراف لا تمتلك قرارها، وتخضع لإرادة من يمولها ويساندها، وهو ما يعنى أن جميع الأطراف لا تمثل إرادة الشعب السورى، بل إرادة البلدان التى تقف خلفها.
من هنا كنا نتمنى أن يشارك الحكام العرب فى المحافظة على حقوق الشعب السورى المغلوب على أمره، وكنا نأمل أن تعوض جامعة الدول العربية غياب الحكام المغلوبين على أمرهم، لكن للأسف غاب وتغابى الجميع، واتبعت الجامعة سلوك المرأة المطلقة، وكتب رافروف دستور سورية كما سبق وكتب بول بريمر دستور العراق.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف