محمد جبريل
ع البحري .. واشنطن.. وفتنة المذاهب الدينية
لعل التطورات الخطيرة الأخيرة في العراق. منذ هجوم تنظيم داعش علي العديد من المدن العراقية. واستيلائه علي مساحات هائلة من الأرض. ومصافي بترول. ومؤسسات اقتصادية مهمة. وطرد الملايين من مدنهم وقراهم. وإعدام الآلاف بوحشية غريبة.. لعل هذه التطورات كانت هي الدافع لكشف حقيقة الموقف الأمريكي. ليس في العراق فحسب. وإنما في الوطن العربي جميعاً.
محور سياسة الاستعمار القديم- عدا التدخل بالقوة المسلحة- يلخصها التعبير الشهير "فرق تسد". بمعني أن تلجأ دول الاستعمار إلي زرع الخلافات والعداء بين أبناء الوطن الواحد. بحيث يستقوي الجميع بالأجنبي علي حساب استقلال الوطن واستقراره ومصالحه.
الاختلافات المذهبية والطائفية هي السياسة التي تتبعها- منذ سنوات- مؤسسات الولايات المتحدة. وجدت في استجابة الوجدان العربي لمحاولات نشر الفتنة. ما يدفعها إلي المزيد من التآمر وخلق الصراعات. إلي حد إحداث المذابح بين السنة والشيعة في العراق. وبين أبناء المذهبين وأبناء ديانات أخري. لها امتدادتها في تاريخ العراق. والصراع السني الشيعي هو ما يعاني اليمن تأثيراته الدموية. قصرت واشنطن تدخلاتها طيلة الفترة الماضية علي توجيه النصح لقيادات المذهبين الرئيسين في العراق بالعمل علي إذابة الخلافات. والنصح بإعادة وحدة اليمن السعيد. بعيداً عن ساحات القتال.
المفاجأة أظهرتها الرسائل المتبادلة بين المسئولين الأمريكان ومسئولين عراقيين. تشير إلي امتناع الولايات المتحدة عن توريد السلاح إلي مقاتلي السنة والبشمركة. بحيث يظل في أيدي المقاتلين الشيعة!
لا أعرف طبيعة الدوافع التي أملت علي واشنطن مراجعة قرارها بقصر تقديم السلاح علي قوات الحكومة العراقية. وقوام غالبيتها من الشيعة. ودراسة العودة إلي تزويد كل المقاتلين في العراق بالسلاح الضروري دعماً للمدافعة عن مدنهم وقراهم ضد الهجمات الداعشية. لعلي أذكّر بما فعله جمال عبدالناصر في 1956. حينما واجه العدوان الثلاثي علي مصر بتوزيع نصف مليون قطعة سلاح علي المواطنين دون تفرقة بين مذهب وآخر. ولا بين ديانة وأخري. فالكل مصريون. حملوا السلاح دفاعاً عن استقلال بلادهم.
ذلك ما كان يجب أن يفطن إليه قادة العراق الشقيق. باعتبار أن النسيج القوي المتماسك لوطنهم الموحد يتطلب- لاستمرار صلابته- حصول كل أبناء الوطن العراقي علي السلاح الذي يتيح الدفاع عن بلادهم. وزرع عبدالناصر خمسمائة قطعة سلاح علي مواطنيه. وانتهي العدوان دون أن يرفع مواطن سلاحه في وجه أبناء بلده.
أثق أن تلك هي الثمرة الايجابية التي سيجنيها العراق في حربه ضد الإرهاب. ومن يستترون خلفه في واشنطن وتل أبيب!