المساء
محمد جبريل
أطباؤنا.. وإعادة التقويم
أتاحت لي تجربة المرض أن أتعلم ما كنت أجهله. وما يهمني أن أرويه تعميماً لما أتصوره من فائدة:
لقد بدأت جراحة المناظير في مصر منذ 1990 ـ واجهت ـ في البداية . وكالعادة - هجوماً قاسياً من أطباء الجراحة التقليدية. ثم وجدت الجراحة مستقبلها في المناظير. إنها البديل الأكثر أماناً من الجراحة التقليدية. فهي توفر خاصية تكبير أجهـزة الجسم. مما يهب الطبيب الجراح فرصة الجراحة الدقيقة. يكفي أن يفتح الجراح بما لا يتعدي 1,5سم. يتضاعف - بالاستكشاف والتكبير - 20 مرة. وتوفر الكاميرا والأشعة فوق الصوتية امكانية كشف الأجـزاء البعيدة عن أماكن إجراء الجراحة. وغير المكشوفة للكاميرا ..
ثمة جراحات بالمنظار. لاستئصال المرارة. وحصواتها. وقرحة الإثني عشر. والزائدة الدودية. ودوالي الخصية. والفتق الإربي. وفتق الحجاب الحاجز. واستئصال أورام القولون. واستئصال الطحال والرحم والمبيض. بل إن ثورة المناظير تقترب من مجالات جراحة الأوعية الدموية والعظام واعوجاج العمود الفقري. لقد سهلت المناظير إجراء الكثير من الجراحات. بدلاً من فتح الصدر والبطن.
باختصار. فإن مستقبل الجراحة في المناظير. الصورة التقليدية للجراحة التي تعتمد علي المهارة الفردية - وهي الصورة التي ألفتها البشرية منذ بداية وجودها - تأخذ الآن سبيلها إلي الاختفاء.
ثمة انجازات طبية خطيرة تتحقق - ولا تزال - مثل تكنولوجيا الكومبيوتر. والأساليب الحديثة للتشخيص بالأشعة المقطعية. والرنين المغنطيسي. والتصـوير النووي. وقيام الروبوت بإجراء العمليات. أو توجيه العمليات بواسطة الأقمـار الصناعية. كما دخلت أشعة الليزر مجالات جديدة في العلاج الطبي. وهي حزمة ضوئية قوية. تتكون من لون واحد. فهو يختلف عن الضوء العادي الذي يتألف من ألوان الطيف السبعة المعروفة. وكل نوع من أنواع الليزر له موجة واحدة منتظمة. ومتوافقة التردد. ومتوازية. ويسهل توجيهها إلي أي مكان بدقة متنهية.
ونتيجة للتقدم في مجالات علوم الطب. وحتي يلاحق الأطباء ذلك التقدم. فقد فرضت الولايات المتحدة نظاماً سمّي ¢ إعادة التقويم ¢. يخضع أساتذة الطب في ضوئه. لاختبار كل خمس سنوات. فيتقرر ما إذا كان الأستاذ يستمـر في عمله. أم يوقف التعامل معه لفترة. يحاول فيها متابعة الجديد في علوم الطب!
عموماً . فإن النظرة إلي وظيفة الطب في حياتنا. يجب أن تتغير. فلاتزال الغلبة للوسائل التقليدية. وأذكر أن الطبيب ¢ الأستاذ ¢ وعد أسرة المريض بأنه سيجري له جراحة بالمنظار. ثم تبينوا - بعد أن أخلف وعده - أنه يجهل الوسائل الجراحية الحديثة. ولم يحاول إعادة التقويم ليلحق العصر!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف