أظن أننا ننفرد ومنذ حكم مبارك بظاهرة حل المشكلات الفردية حسب حظك، ومن خلال الإعلام-خاصة التلفيزيون- وقتها تربينا أنه يوم السعد والمني وليلة القدر إذا ما صادف صاحب المشكلة متابعة الرئيس لها، أو تم عرضها عليه من خلال مقابلته أثناء زيارة لمكان عمل صاحب المشكلة أو إجتماع في مناسبة ما، والتي كانت تتمثل غالبا في طلب شقة أو علاج أو مساعدة مالية وغيرها، فنجد الحل قد تم في وقت وجيز وكأنه "السحر" ومن ثم تتغير أحوال صاحب الشكوي ويصبح حديث الإعلام والناس فترة من الوقت، تلك المواقف كانت تظهر المسئولين المنوط بهم حل تلك المشكلات أمامنا، كما لو أنهم مرتعشون وعجزة أو غير جديرين بوظائفهم أو مراكزهم، أو البعض كان يلتمس لهم العذر في عدم قدرتهم في الواقع الفعلي علي إتخاذ القرارات لحل المشكلات التي يواجهونها في نطاق مسئولياتهم، والتي من المفروض أنها حق أصيل لهم كما هو موجود باللوائح والقوانين التي تنظم التوصيف الوظيفي، ومن ثم تؤكد مفهوم "السكرتارية" والذي كان شائعاً وقتها، وأحياناً كان البعض يعتقد أن الموضوع أو تلك المواقف والسيناريوهات برمتها قد تم ترتيبها وتدبيرها مسبقاً كي يظهر مبارك وقتها أنه الوحيد القادر علي حل مشكلة صغيرة كانت أو كبيرة!!!. ما سبق من مواقف تذكرتها خلال قراءة خبر في جريدة الشروق اليوم عن فيديو....الشاب صاحب شكوي مصرف "كيما" يقول:ذُهلنا من إستجابة "السيسي" لنا. وفي ذات السياق خبر رئيسي آخر بجريدة الأهرام يقول "بعد تدخل الرئيس.....إرتياح في إسوان لحل مشكلات "النوبة" ومصرف "السيل". أتساءل هل مشكلة تلوث مياة النيل بمخلفات المصانع تحتاج أن ننتظر حضورالسيد الرئيس للمكان الذي تتم فيه المخالفات كي يهتم المسئولين عن ذلك؟، أؤلئك المسئولين سواء بالمحافظة أو وزارة البيئة والذين يتقاضون مرتبات والكثير الكثير من الحوافز "بالعبيط" ماذا يفعلون؟ ثم ماذا لو لم يذهب السيد الرئيس الي هناك كم من المشاكل سوف تتراكم دون أن ينظر إليها أحد؟. ثم لماذا نشغل مساحة من إهتمام الرئيس بمشكلات قد تكون ضئيلة مقارنة بمشكلات مستعصية عندنا من بطالة وفقر ومرض وتعليم وغيرها والتي نريد لها حلول عاجلة؟. أتصور-وهذا من النادر-لو أن مشكلات كهذه ظهرت في أي بلد غربي، فإن الإعلام سوف يتناولها بصورة مختلفة عن ما أظهره الإعلام عندنا، حيث سيطالبون بمحاسبة المقصرين، بل قد يطلبوا من الرئيس عندهم إعفاءهم عن مناصبهم ومحاسبتهم علي يقصيرهم وتقاعسهم في إيجاد حلول، خاصة أن شغل الوظائف عندهم يسبقها تقديم خطط ومشاريع يُعلن عنها وعن الوقت الذي سوف يكون خلاله تمام الإنجاز لتلك الخطط، لذا فإن المسئولين هناك ومنذ أول يوم لتوليهم المسئولية يعملون ألف حساب لأن الناس-المجتمع-سوف يحاسبهم قبل الرئيس علي ما أنجزوه أو حققوه، ومن ثم تفعيل مبدأ الثواب والعقاب، وليست "بالبركة" كما هو الحال عند بعض المسئولين عندنا أو تصورات الحلول السحرية عند خبرائنا الإستراتيجيين.