محمود سلطان
مَن تحمل فاتورة مؤتمرات الشباب؟!
إشارة الرئيس عبد الفتاح السيسي، في مؤتمر أسوان الشبابي، والذي اختتم يوم 28/1/2017، إلى أن مصر "دولة فقيرة".. أثارت استياء وغضب البعض: وأعجبني "بوست" على الـ"فيس" يقول: نحن البلد الوحيد في العالم، الذي ينفق الملايين على مؤتمرات، لكي نقول للعالم "نحن فقراء"!. "بوست" لاذع وساخر.. ولكنه يلخص تفاصيل كثيرة، عن التناقض في ممارسات السلطة، التي تدعو الناس إلى التقشف، فيما تنفق هي بسخاء على "الأبهة" بمؤتمرات وبروتوكولات حتى الآن لم تثمر شيئًا! وقبل الولوج إلى الموضوع، فإن مصر فعلاً دولة ليست فقيرة.. ولكنها غنية وشديدة الثراء، ولكن المشكلة في الفساد الذي تمارسه الدولة أو على الأقل تتسامح معه، حال كانت أجهزتها ومؤسساتها التي تعتمد عليها في سياسيات "الترويع" جزءًا منه. على سبيل المثال يوجد في مصر 141 منجم ذهب، 191 حقل نفط، وعاشر أكبر احتياطي للغاز، ثلث آثار العالم، وأكبر بحيرة صناعية، وقناة السويس ونهر النيل. وهي ثروات طبيعية ضخمة، تبني دولة عظيمة.. وتجعلها قوة اقتصادية مبهرة.. فمن أين تأتي السلطة بكل هذه الادعاءات عن فقر مصر؟! وأين تذهب كل هذه الثروات؟!.. لجيوب وكروش وحسابات مَن؟! .. وعلى سبيل المثال.. لا أحد يعرف تكلفة فاتورة عقد مؤتمرات الشباب.. وعلى تلك "الأبهة" التي ظهر بها الموكب الرئاسي في النيل.. وكم تكلفت إقامة الوفود في الفنادق، وتذاكر سفرهم إلى أسوان.. ومَن تحمل الفاتورة: مؤسسة الرئاسة أم رجال أعمال أم دافع الضرائب المواطن المصري البائس والفقير الذي لا يجد علاجًا ولا طعامًا ولا ما يفي به احتياجات أسرته وعائلته؟!.. أين هي الشفافية؟! وهل تخضع فاتورة مؤتمرات الشباب وغيرها، لرقابة الجهاز المركزي للمحاسبات؟!.. وإذا كانت تخضع للرقابة، فإنه من مقتضيات احترام الشعب والرأي العام، أن يعلن قيمة ما ينفق من خلال بيانات رسمية.. أو تكشف الحكومة صراحة، عن الممول والراعي الرسمي لهذه المؤتمرات.. إذ سيمسي من دواعي السخرية، أن نعقد مؤتمرًا ينفق عليه بالملايين.. كي نعلن للعالم بأننا "دولة فقيرة" كما أشرت في مستهل هذا المقال. في تقديري أن الدولة عليها أن تنصح نفسها ابتداء.. وأن تبدأ بنفسها في اتباع سياسات تقشفية، تقنع الرأي العام، بأنها جادة.. فما نراه لا يمكن أن يبعث على التفاؤل ولا على الثقة ولا يشجع على التقشف.. إذ يبدو المشهد في محصلته النهائية، وكأن السلطة تأخذ من الناس قيمة ما تنفقه على تحسين صورتها وعلى إعلام مهمته الدفاع عنها بالحق وبالباطل.. نريد مَن يحترم العقل.. لا مَن يهينه.