الأخبار
د . نادر رياض
سفارة أمريكية بالقدس الشرقية .. لماذا ؟
المطالبة بالممكن أجدي من المطالبة بالمستحيل، في ظل الأحداث المتسارعة المصاحبة واللاحقة بتوابع زلزال تولي ترامب رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية والتغييرات الشاملة التي يزمع إجراؤها داخلياً وخارجياً إصلاحاً لما أفسدته حكومة أوباما وما سبقها من حكومات والتي من شأنها وضع الولايات المتحدة علي منصة ذات معطيات جديدة للتعامل داخلياً في إصلاح اقتصادي هو الأكبر من نوعه من شأنه أن يسقط الكثير من المعوقات والأعباء عن كاهل الاقتصاد الأمريكي ويطلق من آليات الاستثمار ما يفتح من مجالات التوظيف أمام أفراد الشعب الأمريكي، أما ما أعلنه عن تغيير في السياسة الأمريكية الخارجية فمن شأنه إنهاء لسياسة عبر عقود طويلة من عداوات ثبت زيف إدعاءاتها من عداوات تاريخية مع روسيا والصين الشعبية مسقطاً ظلال وأشباح الحرب الباردة. جاعلاً التوجه الأول في خدمة الاقتصاد والتنمية المستدامة وبدء صفحة جديدة قوامها التعاون المشترك مع أعداء الأمس، ومؤكداً علي أن الحرب ضد الإرهاب ستكون حرباً شاملة علي كافة الأصعدة كأولوية أولي.
أما عن الوعد الذي أطلقه الرئيس ترامب إبان حملته الانتخابية من الاتجاه لنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلي القدس والذي أثار موجة من الاحتجاجات العربية والفلسطينية باعتبار أن ذلك معوق أكبر لعملية إرساء السلام الفلسطيني الإسرائيلي ومعطل لعملية إرساء الدولتين. كما أنه يحمل انحيازاً سافراً لسياسة الكيل بمكيالين والتي تمارسها الولايات المتحدة منذ عقود رغم إنكارها المستمر لهذه السياسة المتحيزة.
ولعل التأمل خارج المربع يدعونا للتفكير في المطالبة بالممكن بديلاً عن المطالبة بالمتعذر أو المستحيل، وأعني بذلك المطالبة بالممكن بأن يتوحد الصف الفلسطيني خلف مبادرة - من الممكن ان تقودها مصر - تتبني الدعوة لمطلب يمثل الديمقراطية والعدل والمساواة بين الأطراف، ألا وهو إنشاء سفارة أمريكية بالقدس الشرقية تقام علي التوازي شريطة القبول بإقامة سفارة أمريكية بالقدس الغربية.
لعل هذا المطلب في حد ذاته يكون المحرك للمياه الراكدة والموجه لإيجابيات إقامة الدولتين وإطلاقاً لآليات التنفيذ المنهجي علي المستوي الدولي والمحلي، واعترافاً دولياً صريحاً بالإقامة الفعلية للدولة الفلسطينية كدولة حرة مستقلة ذات سيادة علي أراضيها.
هي دعوة بالتوحد خلف هذا المطلب، إذ أن موضوع نقل السفارة الأمريكية بالقدس قد أصبح علي ما تشهد به الشواهد أمرا مجزوما به من حيث المبدأ، أو بمعني آخر هو في حكم الانتظار لمسألة اختيار التوقيت المناسب لا أكثر.
لذا فهو أمر خاضع للتسويف إلي حين، وبذا قد أصبح مسألة وقت قابل للتمديد ولكنه غير قابل للإلغاء علي المدي القصير أو المتوسط في أحسن الأحوال.
يبقي بعد ذلك - وهذا شأن فلسطيني محض دراسة - استكمال مقومات الدولة الفلسطينية المستقلة المرتقبة من حيث الموارد المالية والطبيعية ومنافذ الانفتاح علي العالم عن طريق الطرق البرية والموانئ البحرية والمطارات المستقلة واللازمة لإدارة عجلة المنظومة الاقتصادية والتجارية داخلياً وخارجياً كمطلب عادل غير قابل للاختلاف حوله قابل للطرح بحيث يمكن الاستجابة إليه واستقطاب تأييد دولي له بدعم من الدول الديمقراطية مثل الاتحاد الأوروبي والدول العربية والكتلة الآسيوية وروسيا والصين وأيضاً الولايات المتحدة الأمريكية بقيادتها الجديدة والتي سينسب لها الفضل في حل هذه المشكلة التاريخية والمتعذرة الحل والتي تشكل علامة فشل علي مستوي الأمم المتحدة وعلي مستوي الحكومات الأمريكية المتعاقبة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية وحتي نهاية حكم أوباما.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف