علي مدي السنوات الست الماضية وما يحدث من تغييرات وزارية لم تنبئ بخير وأتصور انها لن تنبئ بخير ايضا في التعديلات التي نحن بصددها حاليا.
ربما لأول مرة في تاريخ التشكيلات الوزارية في مصر نسمع عن كثيرين اعتذروا عن تلبية دعوة رئيس الوزراء ولا اقول نداء الوطن بإسناد احدي الحقائب الوزارية اليهم.
ولكن لماذا هي دعوة من رئيس الحكومة وليست نداء من الوطن؟
إذا امعنا التدبر والتفكر فيما يحيط بالاسلوب الذي يتم به اختيار الوزراء وإمعان التكتم سواء في الإقصاء او الاختيار، ثم ما يلي ذلك من الجزر المنعزلة التي يعمل فيها كل وزير بعيدا عن زميله حتي لو تشابك مجال عمل كل منهما مع الاخر، ثم ان الاسلوب الذي يتم عند الاقصاء سواء بقضية رشوة »وزير الزراعة مثلا» او بإطلاق الفضائيات والصحف لتنهش في ذمته المالية وتصرفاته التي لا تتناسب ووقار المنصب او تبعاته - وزير التموين مثلا - او استقباله بالهتافات وعبارات الرفض والتنديد بمجرد اعلان اختياره وزيرا.
ثم إذا أتينا الي الدولة العميقة من جيوش الموظفين القابعين في دهاليز الموقع ويعرفون كل ثقب في القانون يدخلون منه الي الوزير الجديد ويحصلون به علي نعم أو لا كما يشاءون لا يجد الرجل مناصا من الانصياع وإلا حلت عليه اللعنات كما حلت علي سابقيه.
اصبح كل ذي بصيرة وصاحب رؤية لذاته يعف عن المنصب، في المقابل صار هناك من لم يحلم حتي بمنصب شرفي في مجال عمله يتمني ان يأتيه الهاتف ببشري اختياره وزيرا حتي لو ظل في المنصب اسابيع معدودة فهو في النهاية الوزير السابق.
المسألة إذن ليست في الاشخاص سواء اللذين يرفضون او يقبلون وإنما هي آلية في الاختيار ومنظومة في العمل، اذا صلحت يصلح الأمر كله.
كيف الوصول الي هذه الآلية والمنظومة ؟
الاجابة كما اراها تتمثل في انه اذا كانت هناك قاعدة تمارس فيها الاجيال علي اختلاف اعمارها العمل العام ولا يقبع الواحد منهم في برجه العاجي سواء كان أكاديميا او في عمله الخاص.
الاختلاط بالمواطن والاقتراب من كل فئات المجتمع كفيل بأن يخرج لنا الوزير السياسي الذي يتمكن من تحقيق النجاح المنشود بسهولة، واذا فشل فان ماكينة التفريخ التي تبدأ من القاعدة كفيلة بإمدادنا بالعشرات غيره.
أصلحوا المنظومة وآليات التأهيل والإعداد قبل ان تطالبوهم بالدخول الي الوزارة، وإلا مع كل وزارة جديدة واسماء حديثة سنظل نذكر حوار فيلم أم رتيبة عندما طلبت من صاحب معمل الطرشي سيد بنجر تغيير اسمه حتي يقبله اخوها زوجا لها فما كان إلا ان قال نغيره ويبقي علي بنجر ولم يستوعب ان بنجر هو غير المرغوب فيه.