الجمهورية
صلاح الحفناوى
رجع الصدي .. "الضرب".. في زمن الحرب

الذين هتفوا للقضاء العادل المستقيل.. هم أنفسهم الذين اتهموه بالانبطاح والانطراح في أحضان الدولة "العسكرية".. وما بين الرأيين فاصل زمني لا يزيد علي ساعات.. فهل أصبحنا نوظف أحكامنا علي قدر أهوائنا؟.
عندما صدر حكم تيران وصنافير.. هلل له من يستميتون لاثبات خيانة الجيش والرئيس والحكومة والنظام وكل من يؤيده أو يسانده.. اعتبروا الحكم عنوان الحقيقة وخرجوا إلي الشوارع يلوحون بإشارات خادشة للحياء.. هاتفين بسقوط حكم "العسكر".. وهو الهتاف الذي يرقي إلي الخيانة العظمي في زمن الحرب التي نخوضها بلا هوادة ضد الإرهاب.
وعندما قررت المحكمة ادراج أبوتريكة علي قائمة داعمي وممولي الإرهاب.. ضمن 1400 شخصية اخري من رجال المال والأعمال..خرج من أشادوا بالقضاء قبل ساعات.. يهتفون ضد القضاء "المسيس المنبطح المماليء للسلطة والسلطان".. وانتشرت علي مواقع التواصل الاجتماعي مداخلات تؤكد براءة ساحر القلوب براءة الذئب من دم ابن يعقوب.. وتتحدث عن الحذاء الذي أسعد الملايين و"الجزمة" التي دكت حصون الأعداء الكرويين.
الحكم كان عنوان الحقيقة عندما جاء موافقاً لأغراض البعض منا ومتماشياً مع أهدافهم ونواياهم.. وكان عنوان الانبطاح والاستسلام لهيمنة الدولة البوليسية أو العسكرية.. عندما حاول تجفيف منابع الإرهاب.. بوقف التمويل ووضع الممولين علي قوائم الإرهابيين.. فهل هناك ملهاة أكثر من هذه؟.
هذا هو المنطلق الذي أصبح.. للأسف.. سائداً وسط من يدعون أنهم النخبة المثقفة.. التي من حقها وحده أن تدير شئون البلاد والعباد.. والتي تعرف أكثر مما نعرف وتفهم ما يستعصي علينا فهمه.. فهي لا تري من المشهد سوي الظلام التام.. وهي لا تعرف سوي لغة التشكيك والتخوين والتهويل.. وهي تتجاهل المخاطر المحدقة بالوطن والمعارك التي يخوضها علي جميع الجبهات.. وهي تتحدث عن حرية الرأي فيما تضيق بالرأي الآخر وتتهم من يختلفون مع طرحها بالنفاق وعبادة "البيادة".
المعركة التي يخوضها الوطن علي مواقع التواصل الاجتماعي.. لا تقل شراسة عن تلك التي يخوضها في سيناء أو الصحراء الغربية أو اقصي جنوب الوادي.. فهي معركة حماية الوعي العام من التضليل المتعمد.. وهي معركة ضد محاولات اسقاط النظام عبر النيل من مكوناته وعلي رأسها الجيش والشرطة والقضاء.. وهي معركة ضد محاولات تضخيم الأزمات التي نشعر بها ونصبر عليها حتي نجتاز النفق المظلم الذي وجدنا فيه أنفسنا بعد أكثر من أربعة عقود من الفساد المقنن والإفساد الممنهج.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف